كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

وَالْبَاقِي إِلَى زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ (1) ، وَبِهَذِهِ الْمُقَاصَّةِ فَسَّرَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا} . (2)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَيْهَا بِدَيْنِهِ مَكَانَ نَفَقَتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَلِلزَّوْجِ ذَلِكَ، لأَِنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ أَيِّ أَمْوَالِهِ شَاءَ، وَهَذَا مِنْ مَالِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ إِنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَاضِل مِنْ قُوَّتِهِ، وَهَذَا لاَ يَفْضُل عَنْهَا (3) .

الْمُقَاصَّةُ فِي الْغَصْبِ
17 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلْغَاصِبِ دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ جِنْسِهَا فَلاَ تَصِيرُ الْعَيْنُ قِصَاصًا فِي دَيْنِهِ إِلاَّ إِذَا تَقَاصَّا، وَكَانَتِ الْعَيْنُ مَقْبُوضَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ فَلاَ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ حَتَّى يَذْهَبَ إِلَى مَكَانِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَيَأْخُذَهَا (4) .
__________
(1) روضة الطالبين 10 / 348، والمنثور في القواعد للزركشي 1 / 396.
(2) سورة الممتحنة / 11.
(3) المغني 7 / 576.
(4) الأشباه والنظائر لابن نجيم / 226 ط دار مكتبة الهلال بيروت، والفتاوى الهندية 3 / 230، ومرشد الحيران المادة (229) .
وَأَمَّا مُقَاصَّةُ نَفَقَاتِ الْمَغْصُوبِ فَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ الْغَاصِبُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ، وَمُؤْنَةِ الْعَبْدِ وَكِسْوَتِهِ وَسَقْيِ الأَْرْضِ وَعِلاَجِهَا، وَخِدْمَةِ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ يُحْسَبُ لَهُ مِنَ الْغَلَّةِ الَّتِي تَكُونُ لِرَبِّهِ كَأُجْرَةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالأَْرْضِ وَيُقَاصِصُ رَبَّهُ مِنَ الْغَلَّةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الأَْظْهَرِ، وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ بِالأَْقَل مِمَّا أَنْفَقَ وَالْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ أَقَل مِنَ الْغَلَّةِ غَرِمَ الْغَاصِبُ زَائِدَ الْغَلَّةِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ أَكْثَرَ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ لِظُلْمِهِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَلاَ يَغْرَمُ أَحَدُهُمَا لِلآْخَرِ شَيْئًا.
قَالُوا: وَعَلَى هَذَا فَالنَّفَقَةُ مَحْصُورَةٌ فِي الْغَلَّةِ، أَيْ: لاَ تَتَعَدَّاهَا لِذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلاَ لِرَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ، وَحِينَئِذٍ فَلاَ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ عَلَى رَبِّهِ وَلاَ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَيْسَتِ الْغَلَّةُ مَحْصُورَةً فِي النَّفَقَةِ، بَل تَتَعَدَّاهَا لِلْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا زَادَتْهُ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ.
وَالْمَنْقُول عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْقَوْل بِأَنَّهُ:
لاَ نَفَقَةَ لِلْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ وَلِرَبِّهِ أَخْذُ الْغَلَّةِ بِتَمَامِهَا مُطْلَقًا أَنْفَقَ أَوْ لاَ (1) .
__________
(1) حاشية الدسوقي 3 / 449، 450.

الصفحة 337