كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلاَةِ فِي الْمَقَامِ بِسَبَبِ الْمُزَاحَمَةِ يُصَلِّي حَيْثُ لاَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ.
وَهَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ وَاجِبَتَانِ عِنْدَنَا، يَقْرَأُ فِي الأُْولَى: {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَلاَ تَجْزِيهِ الْمَكْتُوبَةُ عَنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ صَلاَتِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ فِي وَقْتٍ يُبَاحُ لَهُ أَدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ نَفْلاً، وَقِيل: إِنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، وَسُنَّتَانِ فِي الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ.
وَيُنْدَبُ إِيقَاعُهُمَا بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لاَ دَاخِلَهُ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الأَْمَاكِنِ فِي الْمَسْجِدِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ خَلْفَ الْمَقَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَإِنْ تَرَكَ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ الرَّكْعَتَيْنِ أَعَادَ الطَّوَافَ، ثُمَّ أَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّوَافِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَرْكَعُهُمَا وَلاَ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَعَادَ كَانَ أَحَبَّ.
__________
(1) الفتاوى الهندية 1 / 266، والاختيار 1 / 148، والدر المختار ورد المحتار 2 / 169 - 170.
فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بِالْبُعْدِ عَنْ مَكَّةَ رَكَعَهُمَا وَأَهْدَى، وَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ أَتَى بِهِمَا عَلَى كُل حَالٍ، لأَِنَّهُمْ لاَ يَتَعَلَّقَانِ بِوَقْتِ مَخْصُوصٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِنَقْصِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالرَّكْعَتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (بَعْدَ الطَّوَافِ) وَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَفْضَل، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَّهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ (2) ، وَقَال: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (3) ، ثُمَّ فِي الْحِجْرِ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ فِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الأَْمْكِنَةِ، مَتَى شَاءَ مِنَ الأَْزْمِنَةِ، وَلاَ يَفُوتَانِ إِلاَّ بِمَوْتِهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا سُورَةَ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ " الإِْخْلاَصِ " لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) ، وَلِمَا فِي
__________
(1) المنتقى للباجي 2 / 288، والدسوقي 2 / 41، 42، والشرح الصغير 2 / 43.
(2) حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الطواف خلف المقام. أخرجه مسلم (2 / 887) من حديث جابر بن عبد الله.
(3) حديث: " خذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943) والبيهقي (5 / 125) من حديث جابر بن عبد الله، واللفظ للبيهقي.
(4) حديث ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الطواف. أخرجه مسلم (2 / 888) من حديث جابر بن عبد الله.

الصفحة 341