كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
اثْنَانِ إِلَى مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ وَتَشَاحَّا فِي مَكَانٍ قُدِّمَ لِلدَّفْنِ فِيهِ الأَْسْبَقُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ وَضِيقِ الْمَحَل، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ قُدِّمَ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ، وَمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ، لأَِنَّ الْقُرْعَةَ لِتَمْيِيزِ مَا أُبْهِمَ (1) .
الْمَبِيتُ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالنَّوْمُ فِيهَا
7 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْمَبِيتُ فِي الْمَقْبَرَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، لِمَا فِيهَا مِنَ الْوَحْشَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَحْشَةً كَأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً، أَوْ كَانَتِ الْمَقْبَرَةُ مَسْكُونَةً فَلاَ كَرَاهَةَ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ النَّوْمُ عِنْدَ الْقَبْرِ (3) .
دَرْسُ الْمَقْبَرَةِ وَالاِسْتِفَادَةُ مِنْهَا وَنَبْشُهَا
8 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا دُفِنَ غَيْرُهُ فِي قَبْرِهِ، وَيَجُوزُ زَرْعُهُ، وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ (4) .
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: بِأَنَّهُ سُئِل عَنْ فِنَاءِ قَوْمٍ كَانُوا يَرْمُونَ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ غَابُوا عَنْ ذَلِكَ، فَاتُّخِذَ مَقْبَرَةً، ثُمَّ جَاءُوا فَقَالُوا: نُرِيدُ أَنْ نُسَوِّيَ هَذِهِ الْمَقَابِرَ، وَنَرْمِيَ عَلَى حَال مَا كُنَّا نَرْمِي، فَقَال مَالِكٌ: أَمَّا مَا قَدُمَ مِنْهَا فَأَرَى ذَلِكَ لَهُمْ،
__________
(1) المجموع 5 / 283، وروضة الطالبين 2 / 142، وكشاف القناع 2 / 141.
(2) المجموع 5 / 312، والقليوبي 1 / 349، وروضة الطالبين 2 / 143.
(3) فتح القدير 1 / 472.
(4) ابن عابدين 1 / 599.
وَأَمَّا كُل شَيْءٍ جَدِيدٍ فَلاَ أُحِبُّ لَهُمْ دَرْسَ ذَلِكَ (1) .
وَقَال الصَّاوِيُّ: قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ أَحْجَارِ الْمَقَابِرِ الْعَافِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ دَارٍ، وَلاَ حَرْثُهَا لِلزِّرَاعَةِ، لَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِل كِرَاؤُهَا فِي مُؤَنِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا صَارَ الْمَيِّتُ رَمِيمًا جَازَتِ الزِّرَاعَةُ وَالْحِرَاثَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، كَالْبِنَاءِ فِي مَوْضِعِ الدَّفْنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ رَمِيمًا فَلاَ يَجُوزُ.
هَذَا إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ، فَإِنْ خَالَفَ كَتَعْيِينِهِ الأَْرْضَ لِلدَّفْنِ فَلاَ يَجُوزُ حَرْثُهَا وَلاَ غَرْسُهَا (3) .
وَأَمَّا نَبْشُ الْمَقْبَرَةِ فَتَفْصِيلُهُ فِي (قَبْرٌ ف 21) .
قَطْعُ النَّبَاتِ وَالْحَشِيشِ مِنَ الْمَقْبَرَةِ
9 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنَ الْمَقْبَرَةِ، فَإِنْ كَانَ يَابِسًا لاَ بَأْسَ بِهِ، لأَِنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى مَا دَامَ رَطْبًا، فَيُؤْنِسُ الْمَيِّتَ وَتَنْزِل بِذِكْرِهِ الرَّحْمَةُ، وَلأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ الْجَرِيدَةَ الْخَضْرَاءَ بَعْدَ شَقِّهَا
__________
(1) الحطاب 6 / 19.
(2) الشرح الصغير 1 / 578.
(3) كشاف القناع 2 / 144.
الصفحة 348