كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيل أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً، فَلاَ تَصِحُّ وَكَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يَعْقِل، وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطِ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ، فَتَصِحُّ وَكَالَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِل وَالْعَبْدِ، مَأْذُونَيْنِ كَانَا أَوْ مَحْجُورَيْنِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنَ الشَّرِكَةِ - وَمِنْهَا الْمُضَارَبَةُ - إِِلاَّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَال فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ كَالْبَيْعِ (2) .
مُضَارَبَةُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ
11 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُضَارَبَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى جَوَازِ مُضَارَبَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْجُمْلَةِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: وَلاَ يُشْتَرَطُ إِِسْلاَمُ رَبِّ الْمَال أَوِ الْمُضَارِبِ، فَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ أَهْل الذِّمَّةِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ، حَتَّى لَوْ دَخَل حَرْبِيٌّ دَارَ الإِِِْسْلاَمِ بِأَمَانٍ، فَدَفَعَ مَالَهُ إِِلَى مُسْلِمٍ مُضَارَبَةً، أَوْ دَفَعَ إِِلَيْهِ مُسْلِمٌ مَالَهُ مُضَارَبَةً فَهُوَ جَائِزٌ، لأَِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ فِي دَارِنَا بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ، وَالْمُضَارَبَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ جَائِزَةٌ فَكَذَلِكَ مَعَ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ.
فَإِِِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الْمُسْلِمُ فَدَخَل دَارَ
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 20، 81، 82.
(2) المغني 5 / 1 - 2.
الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَعَمِل بِالْمَال فَهُوَ جَائِزٌ، لأَِنَّهُ دَخَل دَارَ رَبِّ الْمَال، فَلَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ، فَصَارَ كَأَنَّهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِِِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَرَجَعَ إِِلَى دَارِهِ: وَإِِِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِِذْنِ رَبِّ الْمَال بَطَلَتِ الْمُضَارَبَةُ، وَإِِِنْ كَانَ بِإِِِذْنِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا إِِنْ رَجَعَ إِِلَى دَارِ الإِِِْسْلاَمِ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ بِأَمَانٍ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُل الْمُضَارَبَةُ.
وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ بِأَمْرِ رَبِّ الْمَال صَارَ كَأَنَّ رَبَّ الْمَال دَخَل مَعَهُ، وَلَوْ دَخَل رَبُّ الْمَال مَعَهُ إِِلَى دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَبْطُل الْمُضَارَبَةُ، فَكَذَا إِِذَا دَخَل بِأَمْرِهِ، بِخِلاَفِ مَا إِِذَا دَخَل بِغَيْرِ أَمْرِهِ، لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالدُّخُول انْقَطَعَ حُكْمُ رَبِّ الْمَال عَنْهُ، فَصَارَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ فَمَلَكَ الأَْمْرَ بِهِ.
وَوَجْهُ الْقِيَاسِ: أَنَّهُ لَمَّا عَادَ إِِلَى دَارِ الْحَرْبِ بَطَل أَمَانُهُ وَعَادَ إِِلَى حُكْمِ الْحَرْبِ كَمَا كَانَ، فَبَطَل أَمْرُ رَبِّ الْمَال عِنْدَ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ، فَإِِِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَقَدْ تَعَدَّى بِالتَّصَرُّفِ فَمَلَكَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ (1) .
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 81 - 82.
الصفحة 42