كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

لِمَدِينِهِ: ضَارِبْ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْكَ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يَصِحُّ، وَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ (1)

ب - الْمُضَارَبَةُ بِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِ الْعَامِل
23 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ - إِِلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ بِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِ الْعَامِل لاَ تَصِحُّ، كَمَا لَوْ قَال لِلْعَامِل: قَارَضْتُكَ عَلَى دَيْنِي عَلَى فُلاَنٍ فَاقْبِضْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَبِهَذَا يَقُول اللَّخْمِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ قَال لِرَجُلٍ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلاَنٍ مِنَ الدَّيْنِ وَاعْمَل بِهِ مُضَارَبَةً جَازَ، لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ هُنَا أُضِيفَتْ إِِلَى الْمَقْبُوضِ، فَكَانَ رَأْسُ الْمَال عَيْنًا لاَ دَيْنًا (3) .
__________
(1) الإنصاف 5 / 431.
(2) جواهر الإكليل 2 / 171، وروضة الطالبين 5 / 117 - 118، والإنصاف 5 / 431.
(3) بدائع الصنائع 6 / 83، وجواهر الإكليل 2 / 171، والإنصاف 5 / 431.
رَابِعًا: كَوْنُ رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ مُسَلَّمًا إِِلَى الْعَامِل
24 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي وَابْنُ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِل مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ وَمُسْتَقِلًّا بِالْيَدِ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ الْمَال، وَعَبَّرَ عَنْهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إِِلَيْهِ، وَلِلْفُقَهَاءِ مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي التَّعْبِيرِ خِلاَفٌ فِي التَّعْلِيل وَالتَّفْصِيل.
فَقَال الْكَاسَانِيُّ: يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إِِلَى الْمُضَارِبِ لأَِنَّهُ أَمَانَةٌ، فَلاَ تَصِحُّ إِِلاَّ بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ كَالْوَدِيعَةِ وَلاَ تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مَعَ بَقَاءِ يَدِ الدَّافِعِ عَلَى الْمَال لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ مَعَ بَقَاءِ يَدِهِ، حَتَّى لَوْ شَرَطَ بَقَاءَ يَدِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَال فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ.
وَلَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ عَمَل رَبِّ الْمَال فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ، سَوَاءٌ عَمِل رَبُّ الْمَال مَعَهُ أَوْ لَمْ يَعْمَل، لأَِنَّ شَرْطَ عَمَلِهِ مَعَهُ شَرْطُ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَى الْمَال وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ، فَلاَ بُدَّ مِنْ زَوَال يَدِ رَبِّ الْمَال عَنْ مَالِهِ لِتَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، حَتَّى إِِنَّ الأَْبَ أَوِ الْوَصِيَّ إِِذَا دَفَعَ مَال الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَل الصَّغِيرِ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، لأَِنَّ

الصفحة 50