كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

الرِّبْحِ، وَهَذَا شَرْطٌ يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ، لِجَوَازِ أَنْ لاَ يَرْبَحَ الْمُضَارِبُ إِِلاَّ هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لأَِحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ فَلاَ تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ، فَلاَ يَكُونُ التَّصَرُّفُ مُضَارَبَةً (1) .
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَكَذَا إِِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ لأَِحَدِهِمَا النِّصْفُ أَوِ الثُّلُثُ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالاَ: إِِلاَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِِِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَِنَّهُ شَرْطٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ، لأَِنَّهُ إِِذَا شَرَطَ لأَِحَدِهِمَا النِّصْفَ وَمِائَةً فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِائَتَيْنِ فَيَكُونُ كُل الرِّبْحِ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ، وَإِِِذَا شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ إِِلاَّ مِائَةً فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الرِّبْحِ مِائَةً فَلاَ يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّبْحِ.
وَلَوْ شَرَطَا فِي الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا بَطَل الشَّرْطُ وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ، لأَِنَّ الْوَضِيعَةَ جُزْءٌ هَالِكٌ مِنَ الْمَال فَلاَ يَكُونُ إِِلاَّ عَلَى رَبِّ الْمَال، وَلأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ وَكَالَةٌ، وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ لاَ يَعْمَل فِي الْوَكَالَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ بَعْضَ الرِّبْحِ
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 85 - 86، والشرح الصغير 3 / 682 - 687، وروضة الطالبين 5 / 122 - 124، والمغني 5 / 29 - 32.
(2) بدائع الصنائع 6 / 85 - 86.
لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْحَجِّ أَوْ فِي الرِّقَابِ أَوْ لاِمْرَأَةِ الْمُضَارِبِ أَوْ مُكَاتَبِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ لِرَبِّ الْمَال.
وَلَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ لِمَنْ شَاءَ الْمُضَارِبُ، فَإِِِنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِرَبِّ الْمَال صَحَّ الشَّرْطُ، وَإِِِلاَّ بِأَنْ شَاءَهُ لأَِجْنَبِيٍّ لاَ يَصِحُّ.
وَمَتَى شَرَطَ الْبَعْضَ لأَِجْنَبِيٍّ. إِِنْ شَرَطَ عَمَلَهُ صَحَّ، وَإِِِلاَّ فَلاَ، وَفِي الْقَهَسْتَانِيِّ: يَصِحُّ مُطْلَقًا.
وَالْمَشْرُوطُ لِلأَْجْنَبِيِّ. إِِنْ شَرَطَ عَمَلَهُ وَإِِِلاَّ فَلِلْمَالِكِ.
وَلَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُضَارِبِ أَوْ دَيْنِ الْمَالِكِ جَازَ، وَيَكُونُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ قَضَاءُ دَيْنِهِ وَلاَ يُلْزَمُ بِدَفْعِهِ لِغُرَمَائِهِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لِلرِّبْحِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:
الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلَوْ شَرَطَ بَعْضَهُ لِثَالِثِ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، إِِلاَّ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَل مَعَهُ فَيَكُونُ قِرَاضًا مَعَ رَجُلَيْنِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، لِيَأْخُذَ الْمَالِكُ بِمِلْكِهِ وَالْعَامِل بِعَمَلِهِ فَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَلَوْ شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، فَلَوْ قَال:
__________
(1) الدر المختار 4 / 485، 488، 489.

الصفحة 54