كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
ضَارَبْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ فِي الرِّبْحِ شِرْكًا فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ مِنْ حَيْثُ الْجُزْئِيَّةُ لاَ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرُ، فَلَوْ قَال: لَكَ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ لِي مِنْهُ، دِرْهَمٌ أَوْ مِائَةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا نِصْفَانِ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ (1) .
30 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ فَالْعَقْدُ قَرْضٌ، لأَِنَّهُ إِِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُهُ مُضَارَبَةً يُصَحَّحْ قَرْضًا، لأَِنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْقَرْضِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِمَعَانِيهَا.
وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَال فَهُوَ إِِبْضَاعٌ لِوُجُودِ مَعْنَى الإِِِْبْضَاعِ (2) .
وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَالُوا: يَجُوزُ جَعْل الرِّبْحِ كُلِّهُ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ، وَإِِِطْلاَقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَجَازٌ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِِنْ قَال رَبُّ الْمَال: خُذْ هَذَا الْمَال فَاتَّجِرْ بِهِ وَرِبْحُهُ كُلُّهُ لَكَ كَانَ قَرْضًا لاَ قِرَاضًا، لأَِنَّ قَوْلَهُ: خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ يَصْلُحُ لَهُمَا وَقَدْ قَرَنَ بِهِ حُكْمَ الْقَرْضِ فَانْصَرَفَ إِِلَيْهِ، وَإِِِنْ قَال مَعَ ذَلِكَ: وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْكَ فَهَذَا شَرْطٌ فِيهِ
__________
(1) روضة الطالبين 5 / 122 - 124، ومغني المحتاج 2 / 312 - 313.
(2) حاشية ابن عابدين 4 / 485.
(3) الشرح الصغير 3 / 692، والخرشي 6 / 209.
نَفْيُ الضَّمَانِ فَلاَ يَنْتَفِي بِشَرْطِهِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَال: خُذْ هَذَا قَرْضًا وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْكَ، وَإِِِنْ قَال: خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي كَانَ إِِبْضَاعًا، وَإِِِنْ قَال: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ أَوْ كُلُّهُ لِي فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَإِِِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ.
وَفِي قَوْلٍ مُقَابِلٍ لِلأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنْ قَال لِلْعَامِل: قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ كُل الرِّبْحِ لَكَ فَهُوَ مُضَارَبَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِِِنْ قَال رَبُّ الْمَال: كُل الرِّبْحِ لِي فَهُوَ إِِبْضَاعٌ (1) .
خَامِسًا: مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَمَل مِنَ الشُّرُوطِ:
31 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - إِِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَل بِالْمُضَارَبَةِ شُرُوطٌ تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ بِوُجُودِهَا، وَتَفْسُدُ إِِنْ تَخَلَّفَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا، وَهِيَ:
أَنْ يَكُونَ الْعَمَل تِجَارَةً، وَأَنْ لاَ يُضَيِّقَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْعَامِل فِي عَمَلِهِ، وَأَنْ لاَ يُخَالِفَ الْعَامِل مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
تَصَرُّفَاتُ الْمُضَارِبِ
لاَ تَخْرَجُ تَصَرُّفَاتُ الْمُضَارِبِ عَنْ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ:
الأَْوَّل: مَا لَهُ عَمَلُهُ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ:
32 - إِِذَا لَمْ يُعَيِّنْ رَبُّ الْمَال لِلْمُضَارِبِ الْعَمَل أَوِ
__________
(1) المغني 5 / 35، ومغني المحتاج 2 / 312.
الصفحة 55