كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

وَيُوَزَّعُ الإِِِْنْفَاقُ إِِنْ خَرَجَ الْعَامِل لِحَاجَةِ غَيْرِ الأَْهْل وَالْقُرْبَةِ مَعَ خُرُوجِهِ لِلْمُضَارَبَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، فَإِِِنْ كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَاجَتِهِ مِائَةٌ وَفِي الْمُضَارَبَةِ مِائَةٌ فَأَنْفَقَ مِائَةَ كَانَ نِصْفُهَا عَلَيْهِ وَنِصْفُهَا مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ، وَإِِِنْ كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي اشْتِغَالِهِ بِالْمُضَارَبَةِ مِائَتَيْنِ وَزَّعَ الإِِِْنْفَاقَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُنْفِقُ الْعَامِل مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا جَزْمًا، وَكَذَا سَفَرًا فِي الأَْظْهَرِ كَمَا فِي الْحَضَرِ، لأَِنَّ لَهُ نَصِيبًا فِي الرِّبْحِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ، وَلأَِنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ الرِّبْحِ فَيُؤَدِّي إِِلَى انْفِرَادِهِ بِهِ، وَقَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي إِِلَى أَنْ يَأْخُذَ جُزْءًا مِنْ رَأْسِ الْمَال وَهُوَ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، فَلَوْ شَرَطَ لَهُ النَّفَقَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ، وَفِي مُقَابِل الأَْظْهَرِ أَنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَزِيدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ كَالإِِِْدَاوَةِ وَالْخُفِّ وَالسُّفْرَةِ وَالْكِرَاءِ لأَِنَّهُ حَبَسَهُ عَنِ الْكَسْبِ بِالسَّفَرِ لأَِجْل الْمُضَارَبَةِ، فَأَشْبَهَ حَبْسَ الزَّوْجَةِ بِخِلاَفِ الْحَضَرِ، وَتُحْسَبُ النَّفَقَةُ مِنَ الرِّبْحِ فَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ خُسْرَانٌ لَحِقَ الْمَال (2) .
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 530 - 531، والشرح الصغير 3 / 705.
(2) مغني المحتاج 2 / 317، ونهاية المحتاج 5 / 233، وروضة الطالبين 5 / 135 - 136.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ نَفَقَةٌ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ مَعَ السَّفَرِ بِمَال الْمُضَارَبَةِ، لأَِنَّهُ دَخَل عَلَى أَنْ يَسْتَحِقَّ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا فَلاَ يَسْتَحِقُّ غَيْرَهُ، إِِذْ لَوِ اسْتَحَقَّهَا لأََفْضَى إِِلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَرْبَحْ سِوَى النَّفَقَةِ إِِلاَّ بِشَرْطِ، قَال تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَوْ عَادَةً فَإِِِنْ شَرَطَهَا رَبُّ الْمَال وَقَدَّرَهَا فَحَسَنٌ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، فَإِِِنْ لَمْ يُقَدِّرْهَا وَاخْتَلَفَا فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ عُرْفًا مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ، لأَِنَّ إِِطْلاَقَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي جَمِيعَ مَا هُوَ ضَرُورَاتُهُ الْمُعْتَادَةُ (1) .

ثَانِيًا: الرِّبْحُ الْمُسَمَّى:
48 - مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْمُضَارِبُ بِعَمَلِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ هُوَ الرِّبْحُ الْمُسَمَّى إِِنْ كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ، وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ.
وَإِِِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ فِيهِ حِصَّتَهُ مِنْ رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ (2) .
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِِلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لاَ بِالظُّهُورِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ بِعَمَلِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ الرِّبْحَ الْمُسَمَّى - إِِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ - وَإِِِنَّمَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ بِالْقِسْمَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ
__________
(1) كشاف القناع 3 / 516 - 517، والمغني 5 / 72.
(2) بدائع الصنائع 6 / 107.

الصفحة 73