كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

فَإِِِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ أَخْذَ مَالِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِي السِّلَعِ: فَإِِِنْ رَأَى السُّلْطَانُ وَجْهَ بَيْعٍ بَاعَ فَأَوْفَى رَأْسَ الْمَال، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَإِِِنْ لَمْ يَرَ السُّلْطَانُ وَجْهَ بَيْعٍ أَخَّرَ السِّلَعَ حَتَّى يَرَى وَجْهَ بَيْعٍ.
وَفِيهَا: إِِنْ مَاتَ رَبُّ الْمَال وَالْمَال فِي يَدَيِ الْمُضَارِبِ وَلَمْ يَعْمَل بِهِ بَعْدُ فَلاَ يَنْبَغِي - فِي قَوْل مَالِكٍ - أَنْ يَعْمَل بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ، فَإِِِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْعَامِل بِمَوْتِ رَبِّ الْمَال حَتَّى اشْتَرَى بِالْمَال بَعْدَ مَوْتِ رَبِّهِ، فَقَال مَالِكٌ: هُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ حَتَّى يَعْلَمَ بِمَوْتِهِ (1) .

ثَانِيًا: فِقْدَانُ أَهْلِيَّةِ أَحَدِهِمَا أَوْ نَقْصُهَا:
قَدْ يَعْرِضُ لأَِهْلِيَّةِ رَبِّ الْمَال أَوِ الْمُضَارِبِ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ مَا يُذْهِبُهَا أَوْ يُنْقِصُهَا، مِمَّا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا فِي إِِنْهَاءِ الْمُضَارَبَةِ، وَمِنْ هَذِهِ الْعَوَارِضِ:

أ - الْجُنُونُ:
71 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى أَنَّ الْجُنُونَ الْمُطْبِقَ إِِذَا اعْتَرَى أَحَدَ طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ فَإِِِنَّهُ يُبْطِل الْعَقْدَ (2) .
__________
(1) المدونة 5 / 128 - 130.
(2) بدائع الصنائع 6 / 112، ونهاية المحتاج 5 / 237، وكشاف القناع 3 / 522
ب - الإِِِْغْمَاءُ:
72 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الإِِِْغْمَاءَ سَبَبٌ تَنْفَسِخُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ، فَقَالُوا: إِِذَا أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَمَا يَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْمَوْتِ (1) .

ج - الْحَجْرُ:
73 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَبْطُل بِالْحَجْرِ يَطْرَأُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِِذَا تَوَسْوَسَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمُضَارَبَةِ بِحَيْثُ لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ انْفَسَخَتِ الْمُضَارَبَةُ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ فَبَطَل بِذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ (2) .

ثَالِثًا: فَسْخُ الْمُضَارَبَةِ:
74 - فَسْخُ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ بِإِِِرَادَتِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِإِِِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ.
وَيَحْصُل الْفَسْخُ بِقَوْل: فَسَخْتُ الْمُضَارَبَةَ أَوْ رَفَعْتُهَا أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ بِقَوْل الْمَالِكِ لِلْعَامِل: لاَ تَتَصَرَّفْ بَعْدَ هَذَا. وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَحْدُثُ بِالْفِعْل كَاسْتِرْجَاعِ رَبِّ الْمَال رَأْسَ مَال الْمُضَارَبَةِ كُلَّهُ. وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَعَقْدُ الْمُضَارَبَةِ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، وَالأَْصْل فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ رَبِّ
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 319.
(2) الدر المختار 4 / 489، وكشاف القناع 3 / 522

الصفحة 91