كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 39)

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالْجِنِّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ قُوَّةُ التَّشَكُّل بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ (1) .

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلْمَلاَئِكَةِ:
وَرَدَتْ فِي الْمَلاَئِكَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

أَوَّلاً - الإِْيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ
4 - مِنْ أَرْكَانِ الْعَقِيدَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ الإِْيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {آمَنَ الرَّسُول بِمَا أُنْزِل إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (&# x662 ;) ، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَقَدْ ضَل ضَلاَلاً بَعِيدًا} (3) .
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَمَا سَأَل جِبْرِيلٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الإِْيمَانِ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ (4) . فَوُجُودُ الْمَلاَئِكَةِ ثَابِتٌ بِالدَّلِيل
__________
(1) لسان العرب، ومختار الصحاح، والكليات 2 / 166، وتفسير البيضاوي 4 / 225 ط المكتبة التجارية الكبرى.
(2) سورة البقرة / 285.
(3) سورة النساء / 136.
(4) حديث عمر رضي الله عنه: " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ. . . ". أخرجه مسلم (1 / 37 ط الحلبي) ضمن حديث طويل.
الْقَطْعِيِّ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَهُ شَكٌّ، وَمِنْ هُنَا كَانَ إِنْكَارُ وُجُودِهِمْ كُفْرًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، بَل يَنُصُّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآْيَةُ السَّابِقَةُ (1) .

ثَانِيًا - صِفَاتُهُمُ الْخِلْقِيَّةُ
5 - أَخْبَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ خُلِقُوا قَبْل آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَل فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (2) .
كَمَا أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَلاَئِكَةَ مِنْ نُورٍ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ (3) .
فَتَدُل النُّصُوصُ فِي مَجْمُوعِهَا عَلَى أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ مَخْلُوقَاتٌ نُورَانِيَّةٌ لَيْسَ لَهَا جِسْمٌ مَادِّيٌّ يُدْرَكُ بِالْحَوَّاسِ الإِْنْسَانِيَّةِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا
__________
(1) شرح العقيدة الطحاوية 2 / 401 ط مؤسسة الرسالة، وفتح الباري 6 / 306 ط دار المعرفة - بيروت، وإغاثة اللهفان 2 / 120 وما بعدها ط مصطفى الحلبي.
(2) سورة البقرة / 30.
(3) حديث عائشة رضي الله عنها: " خُلقت الملائكة. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2294) ط الحلبي.

الصفحة 6