كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 39)

الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَسُمِّيَ مُؤَثِّرًا، لِظُهُورِ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْحُكْمِ.
فَالنَّصُّ كَمَسِّ الْمُتَوَضِّئِ ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ اعْتُبِرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحَدَثِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلاَ يُصَل حَتَّى يَتَوَضَّأَ،
وَالإِْجْمَاعُ: كَقِيَاسِ الأَْمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فِي سُقُوطِ الصَّلاَةِ بِالْحَيْضِ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَشَقَّةِ التَّكْرَارِ، إِذْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِالإِْجْمَاعِ، وَلَكِنْ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، فَعُدِّيَ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ.
وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِي اعْتِبَارِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ (1) .

9 - الثَّانِي: الْمُلاَئِمُ: وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، بِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِ النَّصِّ، لاَ بِنَصٍّ وَلاَ إِجْمَاعٍ، وَسُمِّيَ مُلاَئِمًا لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَمَثَّلَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ النَّاظِرِ مِنْ أُصُولِيِّ الْحَنَابِلَةِ: بِظُهُورِ الْمَشَقَّةِ فِي إِسْقَاطِ الصَّلاَةِ عَنِ الْحَائِضِ، فَإِنَّهُ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِ
__________
(1) روضة الناظر 3 / 849 - 850، والبحر المحيط 5 / 216 وما بعدها.
الْحَرَجِ فِي إِسْقَاطِ قَضَاءِ الصَّلاَةِ عَنِ الْحَائِضِ كَتَأْثِيرِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ فِي إِسْقَاطِ الرَّكْعَتَيْنِ السَّاقِطَتَيْنِ بِالْقَصْرِ.

10 - الثَّالِثُ: الْغَرِيبُ: وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ فَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ وَفْقَ الْوَصْفِ فَقَطْ، وَلاَ يُعْتَبَرُ عَيْنُ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ وَلاَ عَيْنِهِ، وَلاَ جِنْسُهُ فِي جنْسِهِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، كَالإِْسْكَارِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ اعْتُبِرَ عَيْنُ الإِْسْكَارِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَيَتَرَتَّبُ التَّحْرِيمُ عَلَى الإِْسْكَارِ فَقَطْ (1) .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُنَاسِبِ الْغَرِيبِ: تَوْرِيثُ الْمَبْتُوتَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إِلْحَاقًا بِالْقَاتِل الْمَمْنُوعِ مِنَ الْمِيرَاثِ تَعْلِيلاً بِالْمُعَارَضَةِ بِنَقِيضِ الْقَصْدِ، فَإِنَّ الْمُنَاسَبَةَ ظَاهِرَةٌ، وَلَكِنْ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُعْهَدِ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ هَذَا فَكَانَ غَرِيبًا (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) البحر المحيط 5 / 217، وشرح البدخشي على هامش شرح نهاية السول على منهاج الأصول 3 / 81.
(2) روضة الناظر وجنة المناظر في الأصول 3 / 851.

الصفحة 62