كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 39)
كَالْبَشَرِ فَلاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ وَلاَ يَنَامُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، مُطَهَّرُونَ مِنَ الشَّهَوَاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَمُنَزَّهُونَ عَنِ الآْثَامِ وَالْخَطَايَا، وَلاَ يَتَّصِفُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا ابْنُ آدَمَ (1) غَيْرَ أَنَّ لَهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِصُوَرِ الْبَشَرِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى (2) .
ثَالِثًا - عِبَادَةُ الْمَلاَئِكَةِ لِلَّهِ وَمَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ
6 - عَلاَقَةُ الْمَلاَئِكَةِ بِاللَّهِ هِيَ عَلاَقَةُ الْعُبُودِيَّةِ الْخَالِصَةِ وَالطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالْخُضُوعِ الْمُطْلَقِ لأَِوَامِرِهِ عَزَّ وَجَل، قَال تَعَالَى: {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (3) ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْل وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ} (4) .
وَهُمْ مُنْقَطِعُونَ دَائِمًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ (5) ، كَمَا وَرَدَ فِي الآْيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال
__________
(1) شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 20 ط دار الكتب العلمية، وفتح الباري 6 / 353.
(2) فتح الباري 6 / 348 - 351 ط دار الريان للتراث - القاهرة.
(3) سورة التحريم / 6.
(4) سورة الأنبياء / 19، 20.
(5) إغاثة اللهفان 2 / 122.
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلاَ شِبْرٍ وَلاَ كَفٍّ إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ إِلاَّ أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا (1) .
7 - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: دَل الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَصْنَافِ الْمَلاَئِكَةِ، وَأَنَّهَا مُوَكَّلَةٌ بِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَكَّل بِالْجِبَال مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالسَّحَابِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالرَّحِمِ مَلاَئِكَةً تُدَبِّرُ أَمْرَ النُّطْفَةِ حَتَّى يَتِمَّ خَلْقُهَا، ثُمَّ وَكَّل بِالْعَبْدِ مَلاَئِكَةً لِحِفْظِهِ، وَمَلاَئِكَةً لِحِفْظِ مَا يَعْمَلُهُ وَإِحْصَائِهِ وَكِتَابَتِهِ، وَوَكَّل بِالْمَوْتِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالسُّؤَال فِي الْقَبْرِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالأَْفْلاَكِ مَلاَئِكَةً يُحَرِّكُونَهَا، وَوَكَّل بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالنَّارِ وَإِيقَادِهَا وَتَعْذِيبِ أَهْلِهَا
__________
(1) حديث: " ما في السماوات السبع. . . ". أخرجه الطبراني في الكبير (2 / 184) ، وفي الأوسط (4 / 345) من حديث جابر، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 358) : رجاله رجال الثقات، وفيه عروة بن مروان قال فيه الدارقطني: ليس بقوي الحديث. وله شاهد من حديث عائشة: " ما في السماء موضع. . . ". أخرجه الدولابي بسنده (2 / 122) ط دار الكتب العلمية، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2 / 292 ط المكتبة الإسلامية.
الصفحة 7
488