كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 40)
أَثَرُ النَّضُوضِ فِي تَعَدُّدِ الْمُضَارَبَةِ:
6 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ دَفَعَ رَبُّ الْمَال لَعَامَل الْقِرَاضِ مَالاً ثَانِيًا بَعْدَ الْمَال الأَْوَّل الَّذِي كَانَ يُضَارِبُ فِيهِ الْعَامِل، فَإِنْ كَانَ الْمَال الأَْوَّل نَاضًّا أَيْ صَارَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ - وَذَلِكَ بِبَيْعِ السِّلَعِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَقَبَضَ ثَمَنَهَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ - فَتَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ فِي الْمَال الثَّانِي بِشَرْطَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَال الأَْوَّل قَدْ نَضَّ مُسَاوِيًا، لِرَأْسِ الْمَال مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَلاَ خَسَارَةٍ، بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَال أَلْفًا وَنَضَّ أَلْفًا، فَإِنْ نَضَّ بِرِبْحٍ أَوْ خَسَارَةٍ فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ إِنْ نَضَّ بِرِبْحٍ قَدْ يَضِيعُ عَلَى الْعَامِل رِبْحُهُ، وَإِنْ نَضَّ بِخَسَارَةٍ قَدْ يُجْبِرُ الْقِرَاضُ الثَّانِي خَسَارَةَ الأَْوَّل.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَ جُزْؤُهُمَا بِأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْعَامِل فِي الْمَال الثَّانِي كَالرِّبْحِ فِي الْمَال الأَْوَّل، كَالثُّلُثِ مِنْ رِبْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
فَإِنِ اخْتَلَفَ جُزْءُ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِل فِي الثَّانِي عَمَّا كَانَ مَشْرُوطًا لَهُ فِي الأَْوَّل فَلاَ يَجُوزُ، وَهَذَانَ الشَّرْطَانِ ذَكَرَهُمَا خَلِيلٌ.
إِلاَّ أَنَّ الدَّرْدِيرَ وَالدُّسُوقِيَّ قَالاَ: الْحَقُّ أَنَّهُ إِذَا نَضَّ الأَْوَّل بِمُسَاوٍ جَازَ الدَّفْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا (أَيِ الرِّبْحُ) أَوِ اخْتَلَفَ إِنْ شَرَطَا الْخَلْطَ،
وَإِلاَّ مُنِعَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَال إِلَى الْمُضَارِبِ أَلْفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ لَمْ يَخْلِطْهُمَا الْمُضَارِبُ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّهُ أَفْرَدَ كُل وَاحِدٍ بِعَقْدٍ فَكَانَا عَقْدَيْنِ، فَإِنْ أَذِنَ رَبُّ الْمَال لِلْمُضَارِبِ فِي الْخَلْطِ قَبْل تَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ فِي الْمَال الأَْوَّل جَازَ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَذِنَهُ فِي الْخَلْطِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ جَازَ إِنْ كَانَ الْمَال الأَْوَّل قَدْ نَضَّ وَصَارَ الْمَال كُلُّهُ مُضَارَبَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِي الْمَال الأَْوَّل وَلَمْ يَنِضَّهُ وَأَذِنَهُ فِي الْخَلْطِ فَلاَ يَجُوزُ الْخَلْطُ؛ لأَِنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ الأَْوَّل اسْتَقَرَّ، فَكَانَ رِبْحُهُ وَخُسْرَانُهُ مُخْتَصًّا بِهِ (2) .
__________
(1) جواهر الإكليل 2 / 174، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 525.
(2) كشاف القناع 3 / 516.
الصفحة 13
440