كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 40)
الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَشْرُوعًا، أَمَّا غَيْرُ الْمَشْرُوعِ كَأَنْ كُفِّنَ رَجُلٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِ لَفَائِفَ أَوْ كُفِّنَتِ امْرَأَةٌ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ ثِيَابٍ فَسُرِقَ الزَّائِدُ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ قَطْعَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ بِاعْتِبَارِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ شَرْعًا، كَمَا لَوْ وُضِعَ مَعَ الْكَفَنِ غَيْرُهُ أَوْ تُرِكَ مَعَ الْمَيِّتِ طِيبٌ مَجْمُوعٌ أَوْ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ جَوْهَرٌ فَلاَ قَطْعَ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، وَتَرْكُهُ فِي الْقَبْرِ مَعَ الْمَيِّتِ تَضْيِيعٌ لِلْمَال وَسَفَهٌ فَلاَ يَكُونُ مُحَرَّزًا بِالْقَبْرِ.
وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ تُرِكَ الْمَيِّتُ فِي تَابُوتٍ فَسُرِقَ التَّابُوتُ فَلاَ يُقْطَعُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ حَيْثُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الدَّفْنِ فِيهِ، فَلَمْ يَصِرِ الْقَبْرُ حِرْزًا لَهُ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ تَغَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتِ الْعَادَةُ أَلاَّ يُخَلَّى مِثْلُهُ بِلاَ حَارِسٍ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ كَفَنِ شَخْصٍ كُفِّنَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَا زَادَ عَلَى الْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ يُقْطَعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَلاَّبِ وَالتَّلْقِينِ (2) .
__________
(1) الحاوي الكبير 17 / 184 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 196، وكشاف القناع 6 / 138 - 139، وَالدسوقي 4 / 340.
(2) الدسوقي 4 / 340.
7 - وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ قَطْعَ النَّبَّاشِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَطْعِهِ: أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ عَمِيقًا عَلَى مَعْهُودِ الْقُبُورِ وَمَطْمُومًا الطَّمَّ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَبْرُ عَمِيقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَطْمُومًا الطَّمَّ الْمُعْتَادَ فَلاَ قَطْعَ فِيهِ (1) .
كَمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ هَؤُلاَءِ فِي الْقَطْعِ مِنْ أَجْل الْكَفَنِ أَنْ يُخْرِجَ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنَ الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنَ اللَّحْدِ إِلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ وَتَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ، لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ قَطْعَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ.
أَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ مَعَ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُجَرِّدْهُ عَنْهُ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ قَطْعَ فِيهِ، لاِسْتِبْقَائِهِ عَلَى الْمَيِّتِ.
وَالثَّانِي: يُقْطَعُ؛ لإِِخْرَاجِ الْكَفَنِ مِنْ حِرْزِهِ (2) .
وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا فِي الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفَنَ وَالْمَيِّتُ فِيهِ، فَإِنْ أَكَل الْمَيِّتَ سَبُعٌ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ وَبَقِيَ الْكَفَنُ فَسَرَقَهُ سَارِقٌ فَلاَ قَطْعَ إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: لَوْ فَنِيَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ قُطِعَ؛ لأََنَّ الْقَبْرَ مَا زَال حِرْزًا لِلْكَفَنِ.
__________
(1) الحاوي الكبير 17 / 190، وكشاف القناع 6 / 138، 139.
(2) مغني المحتاج 4 / 169، والحاوي 17 / 187، 190، وكشاف القناع 6 / 138.
الصفحة 21
440