كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 40)
فَسَادُ الْكَفَنِ وَإِلاَّ فَلاَ يُنْبَشُ، وَيُعْطَى رَبُّ الْكَفَنِ قِيمَتَهُ (1) .
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَرْجِيحِ نَبْشِ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل كَفَنٍ مَغْصُوبٍ أَقْوَالٌ:
قَال النَّوَوِيُّ: لَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَسْرُوقٍ فَثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ:
أَصَحُّهَا: أَنَّهُ يُنْبَشُ كَمَا لَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ.
وَالثَّانِي: لاَ يَجُوزُ نَبْشُهُ بَل يُعْطَى صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ؛ لأَِنَّ الثَّوْبَ صَارَ كَالْهَالِكِ؛ وَلأَِنَّ خَلْعَهُ أَفْحَشُ فِي هَتْكِ الْحُرْمَةِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعَبْدَرِيُّ، وَهُوَ قَوْل الدَّارِمِيِّ وَأَبِي حَامِدٍ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ عَنِ الأَْصْحَابِ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ وَكَانَ فِي نَبْشِهِ هَتْكٌ لِحُرْمَتِهِ لَمْ يُنْبَشْ وَإِلاَّ نُبِشَ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ لأَِنْفُسِهِمَا بَعْدَ حِكَايَتِهِمَا عَنِ الأَْصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ.
قَال الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ: وَلَوْ كُفِّنَ الرَّجُل فِي
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 602، وفتح القدير 2 / 101 - 102، وجواهر الإكليل 1 / 117، والخرشي مع العدوي 2 / 144 - 145.
ثَوْبٍ حَرِيرٍ، قَال الرَّافِعِيُّ: هُوَ كَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ تَجْرِي فِي نَبْشِهِ هَذِهِ الأَْوْجُهُ - الثَّلاَثَةُ - وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ بِعَدَمِ النَّبْشِ بِخِلاَفِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ نَبْشَهُ لِحَقِّ مَالِكِهِ، قَالُوا: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (1) .
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ وَطَالَبَ بِهِمَا مَالِكُهُمَا فَيَجِبُ النَّبْشُ وَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، لِيَصِل الْمُسْتَحِقُّ إِلَى حَقِّهِ.
وَيُسَنُّ لِصَاحِبِهِمَا التَّرْكُ.
وَمَحَل النَّبْشِ فِي الثَّوْبِ إِذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَإِلاَّ فَلاَ يَجُوزُ النَّبْشُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلاَمُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّا إِذَا لَمْ نَجِدْ إِلاَّ ثَوْبًا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَلاَ يُدْفَنُ عُرْيَانًا، وَهُوَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ، قَالَهُ الأَْذْرَعِيُّ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ لَمْ يُنْبَشِ الْقَبْرُ، وَغُرِّمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لإِِمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ مَعَ عَدَمِ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغُرْمُ لِعَدَمِ تَرِكَةٍ
__________
(1) المجموع للنووي 5 / 299، ومغني المحتاج 1 / 366.
(2) مغني المحتاج 1 / 366.
الصفحة 29
440