كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: النَّفْل هُوَ مَا عَدَا الْفَرَائِضَ - أَيْ مِنَ الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا كَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ - وَهُوَ: مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْحَسَنِ وَالْمُرَغَّبِ فِيهِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَالتَّطَوُّعِ، فَهِيَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لِتَرَادُفِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
السُّنَّةُ:
2 - السُّنَّةُ فِي اللُّغَةِ: الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ، يُقَال: سُنَّةُ فُلاَنٍ كَذَا؛ أَيْ طَرِيقَتُهُ وَسِيرَتُهُ، حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ سَيِّئَةً (2) .
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَقَدْ عَرَّفَهَا إِبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّهَا الطَّرِيقَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ إِلْزَامٍ عَلَى سَبِيل الْمُوَاظَبَةِ (3) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: السُّنَّةُ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَظْهَرَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُل دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ (4) .
__________
(1) نهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي 2 / 100 - 101، ومغني المحتاج 1 / 219، والمجموع 4 / 2، وحاشية القليوبي 1 / 209 - 210، وأسنى المطالب 1 / 200.
(2) المصباح المنير.
(3) غنية المتملي في شرح منية المصلي ص 13.
(4) حاشية الدسوقي 1 / 312.
وَأَمَّا الصِّلَةُ بَيْنَ النَّفْل وَالسُّنَّةِ فَقَدْ قَال الشُّرُنْبُلاَلِيُّ: النَّفْل أَعَمُّ، إِذْ كُل سُنَّةٍ نَافِلَةٌ وَلاَ عَكْسَ (1) .
فَضْل النَّفْل:
3 - تَدُل السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِدَامَةَ النَّوَافِل بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ تُفْضِي إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ وَصَيْرُورَتِهِ مِنْ جُمْلَةِ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (2) ، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأَُعِيذَنَّهُ (3) .
فَقَدْ قَسَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْلِيَاءَهُ الْمُقَرَّبِينَ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَنْ تَقَرَّبِ إِلَيْهِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَيَشْمَل ذَلِكَ فِعْل الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكَ
__________
(1) مراقي الفلاح ص 211.
(2) دليل الفالحين 1 / 295 - 297.
(3) حديث: " إن الله قال: من عادى لي وليا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 340 - 341 ط السلفية) .
الصفحة 101