كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
الْمُحَرَّمَاتِ، لأَِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ.
وَالثَّانِي: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ بِالنَّوَافِل (1) .
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ النَّوَافِل: كَثْرَةُ تِلاَوَةِ الْقُرْآنِ وَسَمَاعِهِ بِتَفَكُّرٍ وَتَدَبُّرٍ وَتَفَهُّمٍ، قَال خَبَّابُ بْنُ الأَْرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ: تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَسْتَ تَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كَلاَمِهِ (2) . وَمِنْ ذَلِكَ: كَثْرَةُ ذِكْرِ اللَّهِ الَّذِي يَتَوَاطَأُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ (3) ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَْعْمَال أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَال: " أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (4) . وَتَدُل الأَْحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ
__________
(1) جامع العلوم والحكم لابن رجب 2 / 335 - 336 ط مؤسسة الرسالة.
(2) أثر خباب: تقرب إلى الله ما استطعت. أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (1 / 261 - ط وزارة الأوقاف المغربية.
(3) جامع العلوم والحكم 2 / 342 - 343 ط مؤسسة الرسالة.
(4) حديث: " أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله. . . ". أخرجه ابن حبان في الصحيح (3 / 100 ط مؤسسة الرسالة) .
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُكْمِل لِلْعَبْدِ مَا تَرَكَ مِنَ الْفَرَائِضِ بِفَضْل النَّوَافِل، فَقَدْ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إِنَّ أَوَّل مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَال الرَّبُّ عَزَّ وَجَل: انْظُرُوا هَل لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكْمِل بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ (1) .
قَال الْعِرَاقِيُّ: يُحْتَمَل أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا انْتَقَصَهُ مِنَ السُّنَنِ وَالْهَيْئَاتِ الْمَشْرُوعَةِ فِيهَا مِنَ الْخُشُوعِ وَالأَْذْكَارِ وَالأَْدْعِيَةِ، وَأَنَّهُ يَحْصُل لَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهَا وَإِنَّمَا فَعَلَهُ فِي التَّطَوُّعِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا انْتَقَصَ أَيْضًا مِنْ فُرُوضِهَا وَشُرُوطِهَا، وَيُحْتَمَل أَنْ يُرَادَ مَا تَرَكَ مِنَ الْفَرَائِضِ رَأْسًا فَلَمْ يُصَلِّهِ فَيُعَوَّضُ عَنْهُ مِنَ التَّطَوُّعِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقْبَل مِنَ التَّطَوُّعَاتِ الصَّحِيحَةِ عَنِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ.
وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ يُكْمِل لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ فَرْضِ الصَّلاَةِ وَأَعْدَادِهَا بِفَضْل
__________
(1) حديث: " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 540 - 541 ط حمص) والترمذي (2 / 270 ط الحلبي) واللفظ له، وقال: حسن غريب.
الصفحة 102