كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
قَبْل أَدَاءِ الْفَرْضِ، فَلَوْ فَعَل انْصَرَفَ إِلَى الْفَرْضِ (1) .
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: لاَ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْ يَصْرِفَ زَمَنًا لِغَيْرِ قَضَائِهَا كَالتَّطَوُّعِ، قَال الشَّرَوَانِيُّ: وَيَصِحُّ التَّطَوُّعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ الإِْثْمِ خِلاَفًا لِلزَّرْكَشِيِّ (2) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ كَرَاهَةَ التَّنَفُّل قَبْل قَضَاءِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ الْفَائِتَةِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَيْثُ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِ قَضَائِهِمَا قَبْل الْفَرِيضَةِ (3) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ مِمَّنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ، فَنَقَل عَنْهُ حَنْبَلٌ أَنَّهُ قَال: لاَ يَجُوزُ لَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مِنَ الْفَرْضِ حَتَّى يَقْضِيَهُ، يَبْدَأُ بِالْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ صَامَهُ، يَعْنِي بَعْدَ الْفَرْضِ.
وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُتَقَبَّل مِنْهُ حَتَّى يَصُومَهُ (4) .
__________
(1) المنثور في القواعد 3 / 278.
(2) تحفة المحتاج مع الحواشي 1 / 440.
(3) المغني 1 / 614.
(4) حديث أبي هريرة: " من صام تطوعا. . . ". أخرجه أحمد في المسند (2 / 352) .
ثُمَّ قَال: وَلأَِنَّهُ عِبَادَةٌ يَدْخُل فِي جُبْرَانِهَا الْمَال فَلَمْ يَصِحَّ التَّطَوُّعُ بِهَا قَبْل أَدَاءِ فَرْضِهَا كَالْحَجِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّطَوُّعُ، لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِوَقْتٍ مُوَسَّعٍ فَجَازَ التَّطَوُّعُ فِي وَقْتِهَا قَبْل فِعْلِهَا، كَالصَّلاَةِ يُتَطَوَّعُ فِي أَوَّل وَقْتِهَا (1) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ مَنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ فَوَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ كَالْمُطْلَقِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ وَعَلَيْهِ مَنْذُورَةٌ وَقَعَتْ عَنِ الْمَنْذُورَةِ لأَِنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهِيَ كَحَجَّةِ الإِْسْلاَمِ.
وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ؛ لأَِنَّهَا أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَأَشْبَهَتِ الآْخَرَ، وَالنَّائِبُ كَالْمَنُوبِ عَنْهُ فِي هَذَا، فَمَتَى أَحْرَمَ النَّائِبُ بِتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ عَمَّنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ، لأَِنَّ النَّائِبَ يَجْرِي مَجْرَى الْمَنُوبِ عَنْهُ (2) .
نَفْل الصَّلاَةِ:
8 - الصَّلاَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: فَرْضٌ وَنَفْلٌ.
فَالْفَرْضُ خَمْسٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَسَبَقَ
__________
(1) المغني 3 / 145 - 146.
(2) المغني 3 / 246.
الصفحة 108