كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ النَّفْيِ فِي حَدِّ الْحِرَابَةِ، مَعَ التَّخْيِيرِ لِلإِْمَامِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالتَّنْوِيعِ بَيْنَ الْعُقُوبَاتِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (انْظُرْ: حِرَابَة ف 17 وَمَا بَعْدَهَا) .
وَاتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ النَّفْيِ فِي التَّعْزِيرِ، وَأَنَّهُ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ لِلإِْمَامِ وَالْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِهِ (انْظُرْ: تَعْزِير ف 6) .
وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ النَّفْيِ فِي حَدِّ الزِّنَا لِغَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ بِإِبَاحَتِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَعْزِيرٌ، وَلَيْسَ جُزْءًا مِنَ الْحَدِّ (انْظُرْ: حُدُود ف 32) .
وَإِذَا كَانَ النَّفْيُ تَعْزِيرًا فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلاَفِ حَالِهِ، وَحَال فَاعِلِهِ (1) .

حِكْمَةُ النَّفْيِ:
5 - إِنَّ النَّفْيَ - بِالْمَعَانِي الثَّلاَثَةِ السَّابِقَةِ - إِبْعَادٌ عَنِ الأَْهْل وَالْبَيْتِ وَالسَّكَنِ وَالْحَيَاةِ الْعَادِيَّةِ، وَفِيهِ تَنْكَسِرُ النَّفْسُ وَتَلِينُ، وَفِيهِ إِيحَاشٌ بِالْبُعْدِ عَنِ الأَْهْل وَالْوَطَنِ (2) ،.
__________
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 236.
(2) حاشية ابن عابدين 4 / 15، ومغني المحتاج 4 / 148.
لِذَلِكَ اعْتُبِرَ النَّفْيُ تَأْدِيبًا وَعِتَابًا، وَهُوَ تَرْبِيَةٌ وَوَسِيلَةٌ لِلإِْصْلاَحِ وَالنَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ وَتَهْدِئَةِ النُّفُوسِ، وَهُوَ مَنْعٌ لِلاِضْطِرَابِ وَالثَّأْرِ وَالاِنْتِقَامِ، وَوَضْعُ حَدٍّ لِلْجَرِيمَةِ وَالْعِصْيَانِ وَالْمُخَالَفَاتِ (1) .

أَنْوَاعُ النَّفْيِ:
6 - يَتَنَوَّعُ النَّفْيُ بِحَسَبِ اعْتِبَارَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَذَلِكَ كَمَا يَلِي:
أ - يَتَنَوَّعُ النَّفْيُ بِحَسَبِ حَقِيقَتِهِ إِلَى الْحَبْسِ، أَوِ الإِْبْعَادِ وَالتَّغْرِيبِ، أَوِ الْحَبْسِ وَالتَّغْرِيبِ مَعًا، كَمَا سَبَقَ فِي تَعْرِيفِهِ.
ب - وَيَتَنَوَّعُ النَّفْيِ بِحَسَبِ مُدَّتِهِ إِلَى نَفْيٍ لِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، أَوْ نَفْيٍ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، أَوْ نَفْيٍ مُؤَبَّدٍ حَتَّى التَّوْبَةِ أَوِ الْمَوْتِ.
ج - وَيَتَنَوَّعُ النَّفْيُ بِاعْتِبَارِهِ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا إِلَى نَوْعَيْنِ:

النَّوْعُ الأَْوَّل: النَّفْيُ حَدٌّ فِي الْحِرَابَةِ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ، أَمَّا فِي الزِّنَا فَهُوَ حَدٌّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَتَعْزِيرٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَغْرِيب ف 2) .

النَّوْعُ الثَّانِي: النَّفْيُ يَكُونُ تَعْزِيرًا يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي.
__________
(1) تبصرة الحكام 2 / 315، ومعين الحكام للطرابلسي ص 191.

الصفحة 121