كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

أَشْهَدَتْنَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا بِكَذَا حَال كَوْنِهَا مُتَنَقِّبَةً، وَكَذَلِكَ حَال كَوْنِهَا مُتَنَقِّبَةً نَعْرِفُهَا وَلاَ تَشْتَبِهُ عَلَيْنَا بِغَيْرِهَا فَنُؤَدِّي الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا مُتَنَقِّبَةً - صَدَقُوا وَاتُّبِعُوا فِي ذَلِكَ، وَقَال ابْنُ عَرَفَةَ: إِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ: أَشْهَدَتْنَا وَهِيَ مُتَنَقِّبَةٌ وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا وَلاَ نَعْرِفُهَا بِغَيْرِ نِقَابٍ، فَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا تَقَلَّدُوا، وَإِنْ كَانُوا عُدُولاً وَعَيَّنُوهَا كَمَا ذَكَرَتْ وَقُطِعَ بِشَهَادَتِهِمْ.
سَأَل ابْنُ حَبِيبٍ سَحْنُونَ عَنِ امْرَأَةٍ أَنْكَرَتْ دَعْوَى رَجُلٍ عَلَيْهَا فَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً، قَالُوا: أَشْهَدَتْنَا عَلَى نَفْسِهَا وَهِيَ مُتَنَقِّبَةٌ بِكَذَا وَكَذَا، وَلاَ نَعْرِفُهَا إِلاَّ مُتَنَقِّبَةً وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا فَلاَ نَعْرِفُهَا، فَقَال: هُمْ أَعْلَمُ بِمَا تَقَلَّدُوا، فَإِنْ كَانُوا عُدُولاً، وَقَالُوا: عَرَفْنَاهَا، قُطِعَ بِشَهَادَتِهِمْ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ تَحَمُّل شَهَادَةٍ عَلَى مُتَنَقِّبَةٍ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا، فَإِنَّ الأَْصْوَاتَ تَتَشَابَهُ، فَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا وَلَمْ يَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، وَلاَ يَمْنَعُ الْحَائِل الرَّقِيقُ عَلَى الأَْصَحِّ.
فَلاَ يَصِحُّ التَّحَمُّل عَلَى الْمُتَنَقِّبَةِ لِيُؤَدِّيَ مَا تَحَمَّلَهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَعْرِفَةِ صَوْتِهَا، أَمَّا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ امْرَأَةً مُتَنَقِّبَةً أَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا
__________
(1) منح الجليل 4 / 267.
لِفُلاَنٍ بِكَذَا، فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَضَرَتْ وَأَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا هِيَ هَذِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ الْفُلاَنِيَّ أَقَرَّ بِكَذَا وَقَامَتْ أُخْرَى عَلَى أَنَّ الْحَاضِرَ هُوَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ثَبَتَ الْحَقُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَحَقَّقَ صَوْتُهَا مِنْ وَرَاءِ نِقَابٍ كَثِيفٍ وَلاَزَمَهَا حَتَّى أَدَّى عَلَى عَيْنِهَا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا كَنَظِيرِهِ مِنَ الأَْعْمَى.
فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا، أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ التَّحَمُّل عَلَيْهَا، وَلاَ يَضُرُّ النِّقَابُ، بَل يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ، وَيَشْهَدُ الْمُتَحَمِّل عَلَى الْمُتَنَقِّبَةِ عِنْدَ الأَْدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ، فَيَشْهَدُ فِي الْعِلْمِ بِعَيْنِهَا إِنْ حَضَرَتْ، وَفِي صُورَةِ عِلْمِهِ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا إِنْ غَابَتْ أَوْ مَاتَتْ وَدُفِنَتْ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَشَفَ وَجْهَهَا عِنْدَ التَّحَمُّل عَلَيْهَا وَضَبَطَ حِلْيَتَهَا وَكَشَفَهُ أَيْضًا عِنْدَ الأَْدَاءِ، وَيَجُوزُ اسْتِيعَابُ وَجْهِهَا بِالنَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَعْرِفُهَا بِهِ فَقَطْ، فَإِنْ عَرَفَهَا بِالنَّظَرِ إِلَى بَعْضِهِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلاَ يَزِيدُ عَلَى مَرَّةٍ، سَوَاءٌ قُلْنَا بِالاِسْتِيعَابِ أَمْ لاَ، إِلاَّ أَنْ يَحْتَاجَ لِلتَّكْرَارِ.
وَلاَ يَجُوزُ التَّحَمُّل عَلَى الْمَرْأَةِ - مُتَنَقِّبَةً أَمْ لاَ - بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلاَنَةُ بِنْتُ فُلاَنٍ عَلَى الأَْشْهَرِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرِّرِ وَفِي

الصفحة 137