كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

إِنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا إِذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، أَوْ أَدَّى إِلَى عَدَمِ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا مَعَ وُجُوبِ إِعْلاَمِهَا بِذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ النِّكَاحُ لَوْ خَافَ الْعَنَتَ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ، وَحَكَى ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ هَذَا الْحُكْمَ وَجْهًا فَقَال: وَوَجْهٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ خَافَ زِنًا، قِيل: مُطْلَقًا لأَِنَّ الإِْحْصَانَ لاَ يُوجَدُ إِلاَّ بِهِ، وَقِيل: إِنْ لَمْ يُرِدِ التَّسَرِّيَ، وَتَلْحَقُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُل فِي هَذَا الْحُكْمِ فَيَجِبُ النِّكَاحُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لاَ يَنْدَفِعُ عَنْهَا الْفَجَرَةُ إِلاَّ بِالنِّكَاحِ.
وَقَالُوا: يَجِبُ النِّكَاحُ بِالنَّذْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، قَال الشَّرْوَانِيُّ: خِلاَفًا لِنِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ.
وَقَال الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ: لاَ يُلْزَمُ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا وَإِنِ اسْتَحَبَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَال الشَّبْرَامَلِّسِيُّ: سَوَاءٌ احْتَاجَ إِلَيْهِ أَمْ لاَ، تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ أَمْ لاَ.
وَقِيل: النِّكَاحُ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الأُْمَّةِ لاَ يَسُوغُ لِجَمَاعَتِهِمِ الإِْعْرَاضُ عَنْهُ لِبَقَاءِ النَّسْل.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ النِّكَاحُ عَلَى مَنْ يَخَافُ الزِّنَا بِتَرْكِ النِّكَاحِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ،
سَوَاءً كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ إِعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفُهَا عَنِ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحُ، وَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ نَصًّا لِخَشْيَةِ الْمَحْظُورِ بِتَأْخِيرِهِ بِخِلاَفِ الْحَجِّ.
وَفَصَّل الْبُهُوتِيُّ بَعْضَ الْمَسَائِل فَقَال: وَلاَ يَكْتَفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، بَل يَكُونُ التَّزْوِيجُ فِي مَجْمُوعِ الْعُمُرِ لِتَنْدَفِعَ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ.
وَلاَ يَكْتَفِي فِي الاِمْتِثَال بِالْعَقْدِ فَقَطْ، بَل يَجِبُ الاِسْتِمْتَاعُ لأَِنَّ خَشْيَةَ الْمَحْظُورِ لاَ يَنْدَفِعُ إِلاَّ بِهِ.
وَيُجْزِئُ تَسَرٍّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (1) } .
وَمَنْ أَمَرَهُ بِالنِّكَاحِ وَالِدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا قَال أَحْمَدُ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِوُجُوبِ بِرِّ وَالِدَيْهِ، قَال فِي الْفُرُوعِ: وَالَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلاَقِ لاَ يَتَزَوَّجُ أَبَدًا إِنْ أَمَرَهُ بِهِ أَبُوهُ تَزَوَّجَ، قَال الشَّيْخُ: وَلَيْسَ - لأَِبَوَيْهِ - إِلْزَامُهُ بِنِكَاحِ مَنْ لاَ يُرِيدُ نِكَاحَهَا لِعَدَمِ حُصُول الْغَرَضِ بِهَا.
وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِالنَّذْرِ مِنْ ذِي الشَّهْوَةِ، لِحَدِيثِ: " مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ " (2)
__________
(1) سورة النساء / 3
(2) حديث: " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 581 ط السلفية) من حديث عائشة رضي الله عنها

الصفحة 211