كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
وَبِهَذَا قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ أَجَازُوا عَقْدَ النِّكَاحِ بِمَا يَدُل عَلَيْهِ كِنَايَةً فِي الْجُمْلَةِ، وَقَسَّمُوا الأَْلْفَاظَ مِنْ حَيْثُ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ مِنْهَا وَمَا لاَ يَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهَا إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، إِلاَّ أَنَّ لِكُل مَذْهَبٍ اتِّجَاهَهُ فِي بَيَانِ هَذِهِ الأَْقْسَامِ، وَذَلِكَ كَمَا يَلِي:
48 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَهُوَ الإِْنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ يَنْعَقِدُ بِأَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ، وَقَسَّمُوا هَذِهِ الأَْلْفَاظَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أ - الْقِسْمُ الأَْوَّل: لاَ خِلاَفَ فِي الاِنْعِقَادِ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ، بَل الْخِلاَفُ مِنْ خَارِجِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَا سِوَى لَفْظَيِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، مِنْ لَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْجَعْل، نَحْوَ: جَعَلْتُ بِنْتِي لَكَ بِأَلْفٍ، لأَِنَّ التَّمْلِيكَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي مَحَلِّهَا بِوَاسِطَةِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ الثَّابِتُ بِالنِّكَاحِ، وَالسَّبَبِيَّةُ طَرِيقُ الْمَجَازِ (2) .
ب - الْقِسْمُ الثَّانِي: وَفِيهِ خِلاَفٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَالصَّحِيحُ الاِنْعِقَادُ بِهِ، وَهُوَ لَفْظُ الْبَيْعِ، نَحْوَ:
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 140، والمغني 6 / 532، 533.
(2) فتح القدير 3 / 105.
بِعْتُ نَفْسِي مِنْكَ أَوِ ابْنَتِي أَوِ اشْتَرَيْتُكِ بِكَذَا، قَالَتْ: نَعَمْ، يَنْعَقِدُ، وَالاِنْعِقَادُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ هُوَ الصَّحِيحُ لِوُجُودِ طَرِيقِ الْمَجَازِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الاِنْعِقَادِ بِلَفْظِ السَّلَمِ فَقِيل: لاَ يَنْعَقِدُ لأَِنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ لاَ يَصِحُّ، وَقِيل: يَنْعَقِدُ لأَِنَّهُ ثَبَتَ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ.
وَالْمَنْقُول عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كُل لَفْظٍ تُمْلَكُ بِهِ الرِّقَابُ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ، وَالسَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ يَنْعَقِدُ حَتَّى وَلَوِ اتَّصَل بِهِ الْقَبْضُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، لَكِنْ لَيْسَ كُل مَا يُفْسِدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلَّفْظِ يُفْسِدُ مَجَازِيَّهُ لِعَدَمِ لُزُومِ اشْتِرَاكِ الْمُفْسِدِ فِيهِمَا.
وَفِي الاِنْعِقَادِ بِلَفْظِ الصَّرْفِ رِوَايَتَانِ قِيل: لاَ يَنْعَقِدُ لأَِنَّهُ وُضِعَ لإِِثْبَاتِ مِلْكِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي لاَ تَتَعَيَّنُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا يَتَعَيَّنُ.
وَقِيل: يَنْعَقِدُ، لأَِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مَلِكُ الْعَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ، قَال صَاحِبُ الْفَتْحِ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمَا قَوْلاَنِ وَكَانَ مَنْشَؤُهُمَا الرِّوَايَتَيْنِ.
وَأَمَّا الْقَرْضُ، فَقِيل: يَنْعَقِدُ بِهِ لِثُبُوتِ مِلْكِ الْعَيْنِ بِهِ، وَقِيل: لاَ يَنْعَقِدُ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الإِْعَارَةِ، قِيل: الأَْوَّل قِيَاسُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَالثَّانِي قِيَاسُ قَوْل أَبِي يُوسُفَ.
وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَذَكَرَ صَاحِبُ الأَْجْنَاسِ
الصفحة 235