كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ أَنَّ خَادِمَهَا يَخْدُمُهَا وَيَكُونُ عِنْدَهَا، وَطَلَبَ الزَّوْجُ أَنْ يَخْدُمَهَا خَادِمُهُ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهَا بِخَادِمِهَا، لأَِنَّ الْخِدْمَةَ لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ.
وَقَيَّدَهُ ابْنُ شَاسٍ بِمَا إِذَا كَانَ خَادِمُهَا مَأْلُوفًا، وَظَاهِرُ كَلاَمِ الدَّرْدِيرِ الْقَضَاءُ بِخَادِمِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَأْلُوفًا أَوْ لاَ، إِلاَّ لِرِيبَةٍ فِي خَادِمِهَا تَضُرُّ بِالزَّوْجِ فِي الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إِنْ أَلِفَتْ خَادِمًا أَخْدَمَهَا الزَّوْجُ إِيَّاهُ، أَوْ جَاءَتْ بِخَادِمٍ مَعَهَا وَأَرَادَ الزَّوْجُ إِبْدَالَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِتَضَرُّرِهَا بِقَطْعِ الْمَأْلُوفِ عَلَيْهَا، إِلاَّ أَنْ تَظْهَرَ رِيبَةٌ أَوْ خِيَانَةٌ فَيَكُونُ لِلزَّوْجِ إِبْدَالُهُ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ فَرَضِيَتْ بِخِدْمَتِهِ لَهَا وَنَفَقَتُهُ عَلَى الزَّوْجِ جَازَ.
وَإِنْ قَال الزَّوْجُ: لاَ أُعْطِيكِ أَجْرَ هَذَا وَلَكِنْ أَنَا آتِيكِ بِخَادِمٍ سِوَاهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهَا بِمَنْ يَصْلُحُ لِخِدْمَتِهَا (3) .

نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ:
19 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ
__________
(1) حاشية الدسوقي 2 / 511.
(2) مغني المحتاج 3 / 432.
(3) المغني 9 / 238، وكشاف القناع 5 / 463.
الصَّغِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا. وَلاَ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لاَ نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ (1) ، وَبِهِ قَال الْمَالِكِيَّةُ (2) ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (3) ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (4) وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ (5) .
وَاسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ إِلَى فِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ (6) ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي حَال صِغَرِهَا فَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهَا لَدَفَعَهُ إِلَيْهَا، وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِل إِلَيْنَا، لَكِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَدَل هَذَا عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الصَّغِيرَةِ النَّفَقَةَ (7) .
__________
(1) الفتاوى الهندية 1 / 546، والبدائع 4 / 19.
(2) مواهب الجليل 4 / 182، وشرح الخرشي 4 / 184.
(3) المهذب 2 / 159، مغني المحتاج 3 / 438.
(4) كشاف القناع 5 / 471، والمغني 9 / 281، الإنصاف 9 / 377.
(5) المغني 9 / 281.
(6) حديث: " عقد على عائشة وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع. . " سبق تخريجه فقرة 5.
(7) مغني المحتاج 3 / 438، والمغني 9 / 282.

الصفحة 46