كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

الْقَوْل الأَْوَّل: إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ مُقِرًّا بِالْوَدِيعَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ، أَوْ كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَالزَّوْجِيَّةِ، أَوْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِذَلِكَ فَرَضَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمَال نَفَقَتَهَا، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ (1) .

لأَِنَّ صَاحِبَ السَّيِّدِ - وَهُوَ الْمُودَعُ - إِذَا أَقَرَّ بِالْوَدِيعَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ، أَوْ أَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِالدَّيْنِ وَالزَّوْجِيَّةِ فَقَدْ أَقَرَّا أَنَّ لَهَا حَقَّ الأَْخْذِ، لأَِنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمُدَّ يَدَهَا إِلَى مَال زَوْجِهَا فَتَأْخُذَ كِفَايَتَهَا مِنْهُ لِحَدِيثِ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْرِضِ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ فِي ذَلِكَ الْمَال أُضِيرَتْ، فَكَانَ الْوَاجِبُ إِعَانَتَهَا عَلَى أَخْذِ حَقِّهَا وَاسْتِيفَاءِ نَفَقَتِهَا (2) .

الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةً، وَبِهِ قَال زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. لأَِنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ، إِذِ الْمُودَعُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنِ الزَّوْجِ وَكَذَا الْمَدْيُونُ فَلاَ يَجُوزُ (3) .
هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتِ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ بِأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ طَعَامًا أَوْ ثِيَابًا مَنْ جَنْسِ كُسْوَتِهَا.
__________
(1) البدائع 4 / 27
(2) المرجع السابق.
(3) البدائع 4 / 27.
أَمَّا إِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَتْ عَقَارًا أَوْ عُرُوضًا فَبَيَانُ حُكْمِ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

أَوَّلاً: إِنْ كَانَتْ أَمْوَال الْغَائِبِ عَقَارًا:
26 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَفْرِضُ الْقَاضِي لِلزَّوْجَةِ فِي عَقَارِ الْغَائِبِ نَفَقَةً، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ إِيجَابُ النَّفَقَةِ فِي عَقَارِ الْغَائِبِ إِلاَّ بِالْبَيْعِ، وَلاَ يُبَاعُ الْعَقَارُ عَلَى الْغَائِبِ فِي النَّفَقَةِ، لأَِنَّ مَال الْمَدِينِ إِنَّمَا يُبَاعُ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الأَْدَاءِ وَلَمْ يَثْبُتِ امْتِنَاعُهُ فَلاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ (1) .

ثَانِيًا: إِنْ كَانَ أَمْوَال الْغَائِبِ عُرُوضًا:
27 - أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَمْوَالُهُ عُرُوضًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ فِيهَا لِلزَّوْجَةِ بِبَيْعِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لاَ يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلاَ تُبَاعُ فِي نَفَقَتِهَا، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ إِيجَابُ النَّفَقَةِ فِيهِ إِلاَّ بِالْبَيْعِ، وَمَال الْمَدِينِ إِنَّمَا يُبَاعُ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الأَْدَاءِ، وَالْغَائِبُ لاَ يُعْلَمُ امْتِنَاعُهُ، فَلاَ يُعْلَمُ ظُلْمُهُ، فَلاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ (2) .

الْقَوْل الثَّانِي: يَفْرِضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَتْ عُرُوضًا بِبَيْعِهِ، وَبِهِ قَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ (3) .
__________
(1) البدائع 4 / 27.
(2) البدائع 4 / 27.
(3) البدائع 4 / 27.

الصفحة 52