كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
وَاسْتَنَدَا فِي ذَلِكَ: إِلَى مَا اسْتَنَدَا إِلَيْهِ فِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَمْوَالُهُ عَقَارًا مِنْ حَدِيثِ هِنْدَ.
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلاً فَطَلَبَتْ مِنَ الْقَاضِي فَرْضَ النَّفَقَةِ فَعِنْدَنَا لاَ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ لأَِنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ، وَعِنْدَ زُفَرَ يَسْمَعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَلاَ يَقْضِي بِالنِّكَاحِ وَيُعْطِيهَا النَّفَقَةَ مِنْ مَال الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكٌ أَمَرَهَا الْقَاضِي بِالاِسْتِدَانَةِ، فَإِنْ حَضَرَ الزَّوْجُ وَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَلَّفَهَا الْقَاضِي إِعَادَةَ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ لَمْ تُعِدْهَا أَمَرَهَا الْقَاضِي بِرَدِّ مَا أَخَذَتْ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ قَبُول الْبَيِّنَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ وَفَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَائِبِ إِنَّمَا يُنَفَّذُ لاَ لأَِنَّهُ قَوْل عُلَمَائِنَا الثَّلاَثَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا يُنَفَّذُ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ إِمَّا مَعَ زُفَرَ أَوْ مَعَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَهُوَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ (1) .
نَفَقَةُ زَوْجَةِ الَّذِي لاَ مَال لَهُ:
28 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ نَفَقَةِ زَوْجَةِ الَّذِي لاَ مَال لَهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: إِنْ أَنْفَقَتِ الزَّوْجَةُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ مَال غَيْرِهَا بِدُونِ
__________
(1) البحر الرائق 4 / 214.
قَضَاءٍ مِنَ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ أَوْ تَرَاضٍ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مِقْدَارِ النَّفَقَةِ: لاَ تَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ أَصْلاً إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي طَلَبَتِ الْحُكْمَ بِنَفَقَتِهَا أَقَل مِنْ شَهْرٍ، فَيَسُوغُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لَهَا لِصُعُوبَةِ الاِحْتِرَازِ عَنْهَا.
لأَِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَهَا شَبَهَانِ: شَبَهٌ بِالْعِوَضِ وَآخَرُ بِالصِّلَةِ عَطَاءٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضِ، فَهِيَ لَيْسَتْ عِوَضًا مِنْ كُل وَجْهٍ وَلَيْسَتْ صِلَةً مِنْ كُل وَجْهٍ.
أَمَّا شَبَهُهَا بِالْعِوَضِ فَلأَِنَّهَا جَزَاءُ احْتِبَاسِ الزَّوْجَةِ لِحَقِّ زَوْجِهَا وَقِيَامِهَا بِشُؤُونِ الْبَيْتِ وَرِعَايَةِ الأَْوْلاَدِ. وَأَمَّا شَبَهُهَا بِالصِّلَةِ فَلِكَوْنِ الْمَنَافِعِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الاِحْتِبَاسِ عَائِدَةً عَلَى كِلاَ الزَّوْجَيْنِ فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَيْهَا فَلاَ تَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا عَلَى الزَّوْجِ.
فَنَظَرًا لِشَبَهِهَا بِالصِّلَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلاَ تَرَاضٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ كَنَفَقَةِ الأَْقَارِبِ.
وَلِشَبَهِهَا بِالْعِوَضِ تَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ بِهَا أَوِ التَّرَاضِي عَلَيْهَا.
وَإِنْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ تَرَاضِيهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ، وَلَكِنْ قَبْل الإِْذْنِ بِالاِسْتِدَانَةِ مِنْهُ أَوْ مِنَ الْقَاضِي، فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ بِأَدَاءِ الزَّوْجِ إِيَّاهَا لِلزَّوْجَةِ أَوْ
الصفحة 53