كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
لأَِنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي قَضَاءَ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ، فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ " (1) ، وَلأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْقَبْضِ (2) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: إِنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا فِي ذَلِكَ إِلَى الْحَاكِمِ فَلَمْ يَجِدْ لِزَوْجِهَا مَالاً أَبَاحَ لَهَا الإِْنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَذِنَ لَهَا فِي الاِقْتِرَاضِ وَالرُّجُوعِ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا، فَالْقَوْل قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لاَ مِنْ يَوْمِ سَفَرِ الزَّوْجِ، وَإِنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُول أَوِ الْجِيرَانِ فَإِنَّ الْقَوْل قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
وَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا لَمْ تَرْفَعْ أَصْلاً، أَوْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ أَوْ لِلْجِيرَانِ، أَوْ بِبَعْضِ الْمُدَّةِ وَسَكَتَتْ عَنْ بَعْضِهَا الآْخَرِ (3) .
نَفَقَةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ:
30 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ لَهَا نَفَقَةٌ مَا دَامَ لَمْ يَحْكُمِ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ، وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ إِلَى حِينِ اتِّضَاحِ
__________
(1) حديث: " اليمين على المدعى عليه " أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 213 ط السلفية) ومسلم (3 / 1336 ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(2) البدائع 4 / 29.
(3) شرح الخرشي 4 / 200 - 201.
أَمْرِهِ، لأَِنَّهَا مَحْكُومٌ لَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ حَيَاتَهُ وَهِيَ مُسَلِّمَةٌ نَفْسَهَا إِلَيْهِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَفْقُود ف 4 - 10وما بَعْدَهَا) .
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ إِذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْحَاكِمِ وَطَلَبَتِ الْفُرْقَةَ فَضَرَبَ لَهَا مُدَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: لَهَا النَّفَقَةُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ.
قَال الْحَطَّابُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ لَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِبَيْنُونَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا فَهِيَ مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَأَشْبَهَ مَا قَبْل الْمُدَّةِ، وَلأَِنَّ امْرَأَةَ الْغَائِبِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهَا فَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: لاَ نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَ لَهَا قَبْل ذَلِكَ نَفَقَةً فَيَكُونُ سَبِيلُهَا فِي النَّفَقَةِ سَبِيل الْمَدْخُول بِهَا وَهُوَ قَوْل الْمُغِيرَةِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .
__________
(1) الاختيار 3 / 38، وروضة الطالبين 8 / 401، والمغنى 9 / 439، والمبدع 8 / 229.
(2) المغني 9 / 439، والحطاب 4 / 183، وروضة الطالبين 8 / 402، والمهذب 2 / 166، وكشاف القناع 5 / 424.
الصفحة 55