كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)
وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (1) .
مُسْتَنِدِينَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا اسْتَنَدُوا إِلَيْهِ فِي إِيجَابِهَا لِلْمُبَانَةِ الْحَامِل.
وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ - عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - قَال: كُنْتُ مَعَ الأَْسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الأَْعْظَمِ وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَل لَهَا سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةً "، ثُمَّ أَخَذَ الأَْسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ بِهِ فَقَال: وَيْلَكَ! تُحَدِّثُ بِمِثْل هَذَا؟ قَال عُمَرُ: لاَ نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْل امْرَأَةٍ لاَ نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَل {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (2) } .
الْقَوْل الثَّانِي: لَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (3) وَالشَّافِعِيَّةُ (4) وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (5) .
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 5 / 355، والمغني 9 / 289.
(2) حديث أبي إسحاق - عمرو بن عبد الله - " كنت مع الأسود بن يزيد جالسا. . " أخرجه مسلم (2 / 1118 - 1119ط عيسى الحلبي) . والآية من سورة الطلاق / 2.
(3) حاشية الدسوقي 2 / 515، وشرح الخرشي 4 / 192.
(4) المهذب 2 / 164.
(5) المغني 9 / 288.
لأَِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَال {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (1) } . فَقَدْ أَوْجَبَ سُبْحَانَهُ السُّكْنَى لِكُل مُطَلَّقَةٍ، وَمِنْهَا الْبَائِنُ غَيْرُ الْحَامِل، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَقَدْ خَصَّ بِهَا الْحَامِل دُونَ الْحَائِل، فَدَل ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِل دُونَ النَّفَقَةِ.
الْقَوْل الثَّالِثُ: لاَ نَفَقَةَ لَهَا وَلاَ سُكْنَى: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (2) .
لِمَا وَرَدَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا فَلَمْ يَجْعَل لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَقَةً وَلاَ سُكْنَى (3) .
ج - الْمُعْتَدَّةُ مِنْ وَفَاةٍ:
35 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ إِنْ كَانَتْ حَائِلاً لاَ نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.
وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا لَهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلاً عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: لاَ نَفَقَةَ لَهَا مُدَّةَ عِدَّتِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (4) وَالْمَالِكِيَّةُ (5)
__________
(1) سورة الطلاق / 6
(2) الإنصاف 9 / 361.
(3) حديث فاطمة بنت قيس سبق تخريجه ف 34.
(4) حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 3 / 61.
(5) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 515.
الصفحة 58