كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا كَالْمِيرَاثِ (1) .

إِنْفَاقُ الأُْصُول عَلَى الْفُرُوعِ:
54 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ إِنْفَاقِ الأَْبِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُبَاشِرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (2) . لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3) } وَالْمَوْلُودُ لَهُ هُوَ الأَْبُ، فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ رِزْقَ النِّسَاءِ لأَِجْل الأَْوْلاَدِ، فَلأََنْ تَجِبَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الأَْوْلاَدِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (4) .
وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (5) } . فَقَدْ أَوْجَبَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أُجْرَةَ الرَّضَاعِ لِلأَْوْلاَدِ عَلَى آبَائِهِمْ، وَإِيجَابُ الأُْجْرَةِ لإِِرْضَاعِ الأَْوْلاَدِ يَقْتَضِي إِيجَابَ مُؤْنَتِهِمْ وَالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِمْ (6) .
وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لِهِنْدَ: " خُذِي
__________
(1) المغني 7 / 591 نشر مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة.
(2) تبيين الحقائق 3 / 62، ومواهب الجليل 4 / 209، وتحفة المحتاج بشرح المنهاج بهامش شرواني وابن القاسم 8 / 344، والروض المربع 2 / 362 ط دار الكتب العلمية - بيروت.
(3) سورة البقرة / 233
(4) مغني المحتاج / 362.
(5) سورة الطلاق / 2
(6) مغني المحتاج 3 / 446.
مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " (1) . فَقَدْ أَبَاحَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاِمْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ الأَْخْذَ مِنْ مَال زَوْجِهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا وَأَوْلاَدِهَا وَلَوْلاَ أَنَّ الإِْنْفَاقَ عَلَى الأَْوْلاَدِ وَالزَّوْجَاتِ حَقٌّ وَاجِبٌ لَمَا أَبَاحَ لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِحُرْمَةِ مَال الْمُسْلِمِ.
وَلأَِنَّ وَلَدَ الإِْنْسَانِ بَعْضُهُ وَهُوَ بَعْضُ وَالِدِهِ، فَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى بَعْضِهِ (2) .
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْءِ نَفَقَةَ أَوْلاَدِهِ الأَْطْفَال الَّذِينَ لاَ مَال لَهُمْ (3) .
وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ إِنْفَاقِهِ عَلَى أَوْلاَدِ الأَْوْلاَدِ وَفُرُوعِهِمْ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِسَائِرِ الْفُرُوعِ، وَإِنْ نَزَلُوا، لأَِنَّ الْوَلَدَ يَشْمَل الْوَلَدَ الْمُبَاشِرَ وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهُ (4) .
وَلأَِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ عِنْدَهُمْ بِالْجُزْئِيَّةِ لاَ بِالإِْرْثِ، وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ نَزَل بَعْضٌ مِنْ
__________
(1) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك. . . ". سبق تخريجه ف (8) .
(2) المغني 7 / 583.
(3) المرجع السابق.
(4) العناية على الهداية بأسفل شرح فتح القدير 4 / 4140، 411، ومغني المحتاج 3 / 446، والمغني 7 / 583.

الصفحة 78