كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 41)

اجْتِمَاعُ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ:
58 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِلنَّفَقَةِ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ:
فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الأُْصُول وَالْفُرُوعُ لِمُسْتَحِقِّ النَّفَقَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَابْنٌ: فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الاِبْنِ لاَ عَلَى الأَْبِ - وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْوِرَاثَةِ - لِتَرَجُّحِ الاِبْنِ بِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ كَسْبِ الأَْبِ (1) ، كَمَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ " (2) .
وَلأَِنَّ مَال الاِبْنِ مُضَافٌ إِلَى الأَْبِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ " (3) .
وَلاَ يُشَارِكُ الْوَلَدُ فِي نَفَقَةِ وَالِدِهِ أَحَدٌ مِنَ الأَْبِ أَوِ الأُْمِّ أَوِ الْجَدِّ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الاِبْنُ وَتَفَاوَتُوا فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لِمُسْتَحَقِّ النَّفَقَةِ أَبٌ وَابْنُ ابْنٍ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الأَْقْرَبِ، فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الأَْبِ، لأَِنَّهُ أَقْرَبُ دَرَجَةً.
وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ
__________
(1) البدائع 4 / 32.
(2) حديث: " إن أولادكم من أطيب كسبكم. . . " سبق تخريجه ف 15.
(3) حديث: " أنت ومالك لوالدك " سبق تخريجه ف (51) .
عَلَى حَسَبِ أَنْصِبَائِهِمْ فِي الْمِيرَاثِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، السُّدُسُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الاِبْنِ كَالْمِيرَاثِ (1) .

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَوِ اجْتَمَعَ لِمُسْتَحِقِّ النَّفَقَةِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ وَإِنْ بَعُدَ كَأَبٍ وَابْنِ ابْنٍ، لأَِنَّ عُصُوبَتَهُ أَقْوَى، وَهُوَ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَبِيهِ لِعَظِمِ حُرْمَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا عَلَى الأَْصْل اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ لَهُ فِي الصِّغَرِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا، لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَهِيَ الْبَعْضِيَّةُ (2) .
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَيَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ لِمُسْتَحَقِّ النَّفَقَةِ أَبٌ وَابْنٌ مِنْ أَهْل الإِْنْفَاقِ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الأَْبِ وَحْدَهُ، وَلاَ تَجِبُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (3) } ، وَقَوْلِهِ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (4) } ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدَ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " (5) .
__________
(1) فتح القدير 4 / 419، والبدائع 4 / 33.
(2) مغني المحتاج 3 / 451.
(3) سورة الطلاق / 6
(4) سورة البقرة / 233
(5) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " سبق تخريجه ف (8) .

الصفحة 82