كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
بِغُسْلِهَا حِل الْوَطْءِ صَحَّ غُسْلُهَا وَارْتَفَعَ الْحَدَثُ الأَْكْبَرُ؛ لأَِنَّ حِل وَطْئِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ، وَقِيل: لاَ يَصِحُّ لأَِنَّهَا إِنَّمَا نَوَتْ مَا يُوجِبُ الْغُسْل وَهُوَ الْوَطْءُ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْغُسْل سُنَّةٌ كَالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ، وَقَالُوا: يُسَنُّ فِي الاِغْتِسَال الاِبْتِدَاءُ بِالنِّيَّةِ لِيَكُونَ فِعْلُهُ تَقَرُّبًا يُثَابُ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ (2) .
هـ - النِّيَّةُ فِي الصَّلاَةِ:
48 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النِّيَّةِ فِي الصَّلاَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ الصَّلاَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ.
وَلِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ:
قَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: النِّيَّةُ بِلاَ فَاصِلٍ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ انْعِقَادِ الصَّلاَةِ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا فَرْضٌ لِلصَّلاَةِ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا
__________
(1) كشاف القناع 1 / 152 - 157.
(2) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي 1 / 56 ط الأميرية.
الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَلأَِنَّهُ لاَ إِخْلاَصَ إِلاَّ بِالنِّيَّةِ. وَقَدْ أُمِرْنَا بِالإِْخْلاَصِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1) }
وَيَنْوِي الصَّلاَةَ الَّتِي يَدْخُل فِيهَا نِيَّةً مُتَّصِلَةً بِالتَّحْرِيمِ، وَهِيَ أَنْ يَعْلَمَ أَيَّ صَلاَةٍ هِيَ؟ وَلاَ مُعْتَبَرَ بِاللِّسَانِ لأَِنَّ النِّيَّةَ عَمَل الْقَلْبِ، قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ فَرْضٌ، وَذِكْرُهَا بِاللِّسَانِ سُنَّةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَفْضَل، وَالأَْحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ مُقَارِنًا لِلشُّرُوعِ فِيهَا أَيْ مُخَالِطًا لِلتَّكْبِيرِ كَمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ الْفَرْضَ فِي جَمَاعَةٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الإِْمَامِ كَبَّرَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ. . . يَجُوزُ لأَِنَّهُ بَاقٍ عَلَى نِيَّتِهِ بِالإِْقْبَال عَلَى تَحْقِيقِ مَا نَوَى، ثُمَّ إِنْ كَانَ يُرِيدُ التَّطَوُّعَ يَكْفِيهِ نِيَّةُ أَصْل الصَّلاَةِ، وَفِي الْقَضَاءِ يُعَيِّنُ الْفَرْضَ، وَفِي الْوَقْتِيَّةِ يَنْوِي فَرْضَ الْوَقْتِ أَوْ ظُهْرَ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا يَنْوِي فَرْضَ الْوَقْتِ وَالْمُتَابَعَةَ، أَوْ يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلاَةِ الإِْمَامِ، أَوْ يَنْوِي الاِقْتِدَاءَ بِالإِْمَامِ فِي صَلاَتِهِ.
وَقَالُوا: كَفَى مُطْلَقُ نِيَّةِ الصَّلاَةِ - وَإِنْ لَمْ يَقُل (لِلَّهِ) - لِنَفْلٍ وَسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَتَرَاوِيحَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (2) .
__________
(1) سورة البينة / 5.
(2) البحر الرائق 1 / 290 - 291، والاختيار لتعليل المختار 1 / 47 - 48، والدر المختار 1 / 279 - 280.
الصفحة 100