كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

الْغَالِبِ يَكُونُ مُتَّفِقًا مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ التَّوْرِيَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُسْتَحْلِفِ لاَ تَنْفَعُ الْحَالِفَ، بَل تَكُونُ يَمِينُهُ غَمُوسًا تَغْمِسُهُ فِي الإِْثْمِ.
وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَان ف 153 - 157) .

مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْحَالِفِ:
60 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إِنْ كَانَ مَظْلُومًا، وَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ إِنْ كَانَ ظَالِمًا، كَمَا فِي الْخُلاَصَةِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَقَاصِدُ اللَّفْظِ عَلَى نِيَّةِ اللاَّفِظِ إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْيَمِينُ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي دُونَ الْحَالِفِ.
وَزَادَ السُّيُوطِيُّ: إِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الاِعْتِقَادِ، فَإِنْ خَالَفَهُ - كَحَنَفِيٍّ اسْتَحْلَفَ شَافِعِيًّا فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ - فَفِيمَنْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْقَاضِي أَيْضًا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُرْجَعُ فِي الأَْيْمَانِ إِلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَمَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ بِطَلاَقٍ أَوْ عِتَاقٍ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ
__________
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 53.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 44، والمنثور في القواعد 3 / 312.
فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَل. وَهَل يُقْبَل مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ لِلْعُلَمَاءِ مَشْهُورَانِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا وَنَوَى خِلاَفَ مَا حَلَّفَهُ عَلَيْهِ غَرِيمُهُ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ، فَأَمَّا الْمَظْلُومُ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ (1) .
وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْلِفٌ أَصْلاً، أَوْ كَانَ مُسْتَحْلِفٌ وَلَكِنْ عُدِمَتْ شَرِيطَةٌ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ إِلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ. . . رُوعِيَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَان ف 158 - 161) .

أَثَرُ النِّيَّةِ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ:
61 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ دِيَانَةً اتِّفَاقًا، وَقَضَاءً عِنْدَ الْخَصَّافِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ إِنْ كَانَ مَظْلُومًا (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: النِّيَّةُ تَكْفِي فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقَاتِ، وَتَخْصِيصِ الْعُمُومَاتِ، وَتَعْمِيمِ
__________
(1) جامع العلوم والحكم 1 / 89 - 90.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 25.

الصفحة 105