كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
الْوَقْفِ - أَيْ لِصِحَّتِهِ - إِذَا كَانَ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ الْوَقْفُ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ، وَبِفِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا، وَيَكْفِي الإِْتْيَانُ بِصَرِيحِ الْقَوْل لِعَدَمِ احْتِمَال غَيْرِهِ، وَلاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ بِالْكِنَايَةِ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَهُ الْمَالِكُ، فَمَتَى أَتَى بِكِنَايَةٍ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ نَوَى بِهَا الْوَقْفَ لَزِمَهُ فِي الْحُكْمِ لأَِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيهِ، وَإِنْ قَال: مَا أَرَدْتُ بِهَا الْوَقْفَ قُبِل قَوْلُهُ لأَِنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي ضَمِيرِهِ لِعَدَمِ الاِطِّلاَعِ عَلَى مَا فِي الضَّمَائِرِ، أَوْ يَقْرِنُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ أَحَدَ الأَْلْفَاظِ الْخَمْسَةِ الآْتِيَةِ: فَيَقُول: تَصَدَّقْتُ بِكَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ مُحْبَسَةً، أَوْ مُسْبَلَةً، أَوْ مُؤَبَّدَةً، أَوْ مُحَرَّمَةً، أَوْ يَصِفُ الْكِنَايَةَ بِصِفَاتِ الْوَقْفِ فَيَقُول: تَصَدَّقْتُ بِهِ صَدَقَةً لاَ تُبَاعُ وَلاَ تُوهَبُ وَلاَ تُورَثُ، أَوْ يَقْرِنُ الْكِنَايَةَ بِحُكْمِ الْوَقْفِ كَأَنْ يَقُول: تَصَدَّقْتُ بِأَرْضِي عَلَى فُلاَنٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ. . . لأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ وَنَحْوَهَا لاَ تُسْتَعْمَل فِيمَا عَدَا الْوَقْفَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتَى بِلَفْظِهِ الصَّرِيحِ (2) .
و النِّيَّةُ فِي الْقِصَاصِ:
63 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْقِصَاصُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قَصْدِ الْقَاتِل الْقَتْل، لَكِنْ قَالُوا: لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ
__________
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 10.
(2) كشاف القناع 4 / 241 - 242.
أَمْرًا بَاطِنًا أُقِيمَتِ الآْلَةُ مَقَامَهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِمَا يُفَرِّقُ الأَْجْزَاءَ عَادَةً كَانَ عَمْدًا وَوَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِلاَّ فَإِنْ قَتَلَهُ بِمَا لاَ يُفَرِّقُ الأَْجْزَاءَ عَادَةً لَكِنْ يَقْتُل غَالِبًا - فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ لاَ قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَ الإِْمَامِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ فَأَنْ يَقْصِدَ مُبَاحًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا (1) .
وَقَال السُّيُوطِيُّ: تَدْخُل النِّيَّةُ فِي الْقِصَاصِ فِي مَسَائِل كَثِيرَةٍ، مِنْهَا:
تَمْيِيزُ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ مِنَ الْخَطَأِ، وَمِنْهَا: إِذَا قَتَل الْوَكِيل فِي الْقِصَاصِ، إِنْ قَصَدَ قَتْلَهُ عَنِ الْمُوَكِّل، أَوْ قَتَلَهُ لِشَهْوَةِ نَفْسِهِ (2) ، وَقَال: وَمِمَّا جَرَى عَلَى الأَْصْل مِنَ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ أَوَّل الْفِعْل مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ: أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ بِالسَّوْطِ عَشْرَ ضَرَبَاتٍ فَصَاعِدًا مُتَوَالِيَةٍ فَمَاتَتْ: فَإِنْ قَصَدَ فِي الاِبْتِدَاءِ الْعَدَدَ الْمُهْلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَصَدَ تَأْدِيبَهَا بِسَوْطَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَجَاوَزَ فَلاَ، لأَِنَّهُ اخْتَلَطَ الْعَمْدُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ (3) .
ز - النِّيَّةُ فِي الإِْعْتَاقِ:
64 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ
__________
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 25.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 10.
(3) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 24.
الصفحة 107