كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
فَيَتَعَاوَنُ النَّاسُ فِي جَمْعِهِ عَلَى وَجْهِ الإِْنْصَافِ، فَقَال: نَعَمْ هَذَا مِمَّا يُصْلِحُهُمْ إِذَا خَافُوا وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ.
وَسُئِل أَبُو عِمْرَانَ قِيل لَهُ: رَجُلٌ يَكُونُ فِي قَوْمٍ تَحْتَ سُلْطَانٍ غَالِبٍ يَرْسُمُ عَلَيْهِمُ الْغُرْمَ، وَيَكُونُ فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَقَامٌ لاَ يُؤَدِّي مَعَهُمْ، فَقَال: الصَّوَابُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَعَهُمْ وَيُعِينَهُمْ إِذَا كَانُوا إِنَّمَا يُؤَدُّونَ مَخَافَةَ مَا يَنْزِل بِهِمْ، قَال: وَلاَ يَبْلُغُ بِهِمْ مَبْلَغَ الإِْثْمِ إِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَعُوفِيَ، وَلَكِنَّ هَذَا الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَل (1) .
وَسُئِل أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ عَنِ الْعَامِل إِذَا رَمَى عَلَى قَوْمٍ دَنَانِيرَ، وَهُمْ أَهْل قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَال لَهُمُ: ائْتُونِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَلَمْ يُوَزِّعْهَا عَلَيْهِمْ، فَهَل لَهُمْ سَعَةٌ فِي تَوْزِيعِهَا بَيْنَهُمْ، وَهُمْ لاَ يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا؟ وَهَل يُوَزِّعُونَهَا عَلَى قَدْرِ الأَْمْوَال أَوْ عَدَدِ الرُّءُوسِ؟ وَهَل لِمَنْ أَرَادَ الْهُرُوبَ حِينَئِذٍ وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ سَعَةٌ، وَيَعْلَمُ أَنَّ حَمْلَهُ يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ؟ وَهَل لَهُ سُؤَال الْعَامِل فِي تَرْكِهِ أَمْ لاَ؟ وَهَل يَقُولُونَ لِلْعَامِل: اجْعَل لَنَا مِنْ قِبَلِكَ مَنْ يُوَزِّعُهَا، وَإِنْ فَعَلُوا خَافُوا أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَهُمْ؟ وَهَل تَرَى الشِّرَاءَ لِشَيْءٍ مِنْ هَؤُلاَءِ لِشَيْءٍ يَبِيعُونَهُ مِنْ أَجْل مَا رَمَى عَلَيْهِمْ أَوْ يَتَسَلَّفُونَهُ وَهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَعْوَانٌ،
__________
(1) فتح العلي المالك 2 / 186
إِلاَّ أَنَّهُمْ إِنْ أَبْطَئُوا بِالْمَال أَتَتْهُمُ الأَْعْوَانُ؟ فَقَال: إِنْ أَجْمَعُوا عَلَى تَوْزِيعِهِ بِرِضًى مِنْهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ طِفْلٌ وَلاَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَلاَ يَتَكَلَّفُ السَّائِل مِنْ هَذَا شَيْئًا، وَلْيُؤَدِّ مَا جُعِل عَلَيْهِ، وَتَوْزِيعُهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا جَعَلَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِمْ إِمَّا عَلَى الأَْمْوَال أَوِ الرُّءُوسِ، وَمَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ، وَأَمَّا تَسَبُّبُهُ فِي سَلاَمَتِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدِي إِلاَّ أَنْ يَسْأَل أَنْ يُعَافَى مِنَ الْمَغْرَمِ قَبْل أَنْ يَنْفُذَ فِيهِ الأَْمْرُ.
وَأَمَّا بَيْعُ هَؤُلاَءِ لِعُرُوضِهِمْ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَخَذُوا بِذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ قَبْل الأَْخْذِ بِذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ بِالشِّرَاءِ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ، وَمَا تَسَلَّفُوهُ فِي حَال الضَّغْطَةِ فَلِمَنْ أَسْلَفَهُمُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ اخْتِلاَفٌ وَهَذَا اخْتِيَارُهُ. قَال الْبَرْزَلِيُّ: وَهَذَا وَاضِحٌ إِنْ تَعَرَّضَ السُّلْطَانُ فَجَعَلَهَا عَلَى الرُّءُوسِ أَوِ الأَْمْوَال (1) .
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَةَ: لَوْ وُضِعَتْ مَظْلَمَةٌ عَلَى أَهْل قَرْيَةٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ مَدِينَةٍ، فَتَوَسَّطَ رَجُلٌ مُحْسِنٌ فِي الدَّفْعِ عَنْهُمْ بِغَايَةِ الإِْمْكَانِ وَقَسَّطَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ لِنَفْسِهِ وَلاَ لِغَيْرِهِ وَلاَ ارْتِشَاءٍ، بَل تَوَكَّل لَهُمْ فِي
__________
(1) فتح العلي المالك 2 / 185، 186
الصفحة 11
426