كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

وَقَال زُفَرُ: إِذَا رَدَّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَرِئَ لأَِنَّهُ قَدْ رَدَّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (1)
وَإِذَا أَخَذَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ بِنِيَّةِ الأَْمَانَةِ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ قَصْدُ الْخِيَانَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لاَ يَضْمَنُ اللُّقَطَةَ إِنْ تَلِفَتْ بِلاَ تَفْرِيطٍ فِي الْحَوْل، كَمَا أَنَّ الْمُودَعَ لاَ يُضْمَنُ بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ (2) .
وَدَلَّل ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ نِيَّةَ الاِغْتِيَال فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ، إِذْ غَايَةُ الأَْمْرِ أَنَّ النِّيَّةَ تَبَدَّلَتْ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ (3) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ، وَابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ
__________
(1) الجوهرة النيرة 2 / 46، والفتاوى الهندية 2 / 292، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 112، وروضة الطالبين 5 / 406، وكشاف القناع 4 / 213، والمغني 5 / 706 - 707،714
(2) مطالب أولي النهى 4 / 223، وروضة الطالبين 5 / 407، وحاشية الدسوقي 4 / 121.
(3) حاشية الدسوقي 4 / 121، ومواهب الجليل 6 / 76.
الْحَطَّابُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَضْمَنُ لأَِنَّ نِيَّةَ الاِغْتِيَال قَدْ صَاحَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنِ التَّعْرِيفِ (1)
وَالْمَسْأَلَةُ لاَ تَتَأَتَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِبَرَاءَةِ الْمُلْتَقِطِ مِنَ الضَّمَانِ الإِْشْهَادَ بِأَنَّهُ أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِحِفْظِهَا وَرَدِّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَتَبَدُّل نِيَّةِ الْمُلْتَقِطِ عِنْدَئِذٍ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ، حَتَّى مَنْ أَخَذَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يُشْهِدْ - فِيمَا إِذَا أَمْكَنَهُ الإِْشْهَادُ - وَقَال أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى (2) .
أَمَّا عَنْ أَخْذِ اللُّقَطَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَقَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لاَ بِنِيَّةِ الْحِفْظِ وَلاَ بِنِيَّةِ اغْتِيَالِهَا فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ إِذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَيَضْمَنُ إِذَا رَدَّهَا بَعْدَ الْبُعْدِ (3) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلاَ يَقْصِدُ خِيَانَةً وَلاَ أَمَانَةً، أَوْ يَقْصِدُ أَحَدَهُمَا وَيَنْسَاهُ فَلاَ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ (4) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلاَ تُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُمْ، إِذْ
__________
(1) روضة الطالبين 5 / 407، وحاشية الدسوقي 4 / 121
(2) الفتاوى الهندية 2 / 291، والجوهرة النيرة 2 / 46.
(3) مواهب الجليل 6 / 77.
(4) روضة الطالبين 5 / 407.

الصفحة 111