كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

الدَّفْعِ عَنْهُمْ وَالإِْعْطَاءِ كَانَ مُحْسِنًا (1) .

هـ - رُجُوعُ مُؤَدِّي النَّوَائِبِ عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ: 9 - لَوْ أَدَّى أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الَّذِينَ فُرِضَتْ عَلَيْهِمُ الأَْمْوَال، فَهَل لَهُ الْحَقُّ فِي أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى أَمْ يُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا؟
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَنْ قَضَى نَائِبَةَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الرُّجُوعِ اسْتِحْسَانًا بِمَنْزِلَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ.
قَال شَمْسُ الأَْئِمَّةِ: هَذَا إِذَا أَمَرَهُ بِهِ لاَ عَنْ إِكْرَاهٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُكْرَهًا فِي الأَْمْرِ فَلاَ يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي الرُّجُوعِ.
وَقَالُوا: لَوْ أَخَذَتِ النَّوَائِبُ مِنَ الأَْكَّارِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَالِكِ الأَْرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ قَال لِرَجُلٍ: خَلِّصْنِي مِنْ مُصَادَرَةِ الْوَالِي، أَوْ قَال الأَْسِيرُ ذَلِكَ، فَخَلَّصَهُ رَجَعَ بِلاَ شَرْطٍ عَلَى الصَّحِيحِ (2) .
وَقَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: سُئِل سُحْنُونٌ عَنْ رُفْقَةٍ مِنْ بِلاَدِ السُّودَانِ يُؤْخَذُونَ بِمَالٍ فِي الطَّرِيقِ لاَ يَنْفَكُّونَ عَنْهُ، فَتُوَلَّى دَفْعَ
__________
(1) السياسة الشرعية لابن تيمية ص 55 ط دار الكتاب العربي
(2) العناية بهامش فتح القدير 6 / 332، وحاشية ابن عابدين 2 / 282 - 283
ذَلِكَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَاقِينَ بِمَا يَخُصُّهُمْ، فَهَل لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَال: نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَجِدُونَ الْخَلاَصَ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَهِيَ ضَرُورَةٌ لاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْهَا، وَأَرَاهُ جَائِزًا، قَال الْبَرْزَلِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَدَى مَالاً مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ، وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُمْ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَتَخَلَّصُوا إِلاَّ هَكَذَا، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ، كَالْخِفَارَةِ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَلاَّتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّبِيبِيُّ أَنَّهُ عَلَى عَدَدِ الأَْحْمَال لاَ عَلَى قِيمَتِهَا، وَيُعَلِّل ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى كَشْفِ أَحْوَال النَّاسِ وَيُخَافُ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ غَالٍ مِنْ إِجَاحَتِهِ، أَيْ إِجَاحَتِهِ فِي الطَّرِيقِ، قَال الْبَرْزَلِيُّ: وَقَدِ اخْتَرْتُهُ أَنَا حِينَ قَفَلْنَا مِنَ الْحَجِّ بِبِلاَدِ بَرْقَةَ ضَرَبْنَا الْخِفَارَة مَرَّةً عَلَى عَدَدِ الأَْحْمَال وَمَرَّةً عَلَى عَدَدِ الإِْبِل؛ لأَِنَّهُ كَانَ خَلَطَ عَلَيْنَا أَعْرَابٌ إِفْرِيقِيَّةٌ، فَعَمِلْنَا عَلَى عَدَدِ الإِْبِل خَاصَّةً لَمَّا خِفْتُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ غَالٍ فِي الرُّفْقَةِ أَنْ يُسْرَقَ لَهُ أَوْ يُجَاحَ قَصْدًا، وَإِنَّهُ لَحَسَنٌ مِنَ الْفَتْوَى إِذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ قَلِيلاً، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جِدًّا فَيَتَرَجَّحُ فِيهِ اعْتِبَارُ الأَْمْوَال، وَالأَْوْلَى أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا يَحْسُنُ يُزَادُ بَعْضُ شَيْءٍ عَلَى مَنْ رَحْلُهُ غَالٍ (1) .
__________
(1) فتح العلي المالك 2 / 186، 187

الصفحة 12