كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

ج - أَنْ يَكُونَ مَالاً مُتَقَوَّمًا.
د - أَنْ يَكُونَ مَحُوزًا.
هـ - أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

أ - أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا:
16 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حِينَ الْهِبَةِ، لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَال، وَبِنَاءً عَلَيْهِ لاَ يَصِحُّ هِبَةُ مَا لَيْسَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ وَهَبَهُ مَا يُثْمِرُ نَخْلُهُ هَذَا الْعَامَ، أَوْ مَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ هَذِهِ السَّنَةَ وَنَحْوُهُ. وَمِثْلُهُ: لَوْ وَهَبَهُ مَا فِي بَطْنِ هَذَا الْحَيَوَانِ حَتَّى وَإِنْ سَلَّطَهُ عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْوِلاَدَةِ. وَمِثْلُهُ: لَوْ وَهَبَهُ زُبْدًا فِي لَبَنٍ أَوْ دُهْنًا فِي سِمْسِمٍ لأَِنَّهُ مَعْدُومٌ فِي الْحَال.
وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا إِذَا وَهَبَهُ صُوفًا عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ وَجَزَّهُ وَسَلَّمَهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لأَِنَّ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ مَوْجُودٌ وَمَمْلُوكٌ فِي الْحَال، لَكِنَّهُ لَمْ يَنْفُذْ حَالاً لِمَانِعٍ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَشْغُولاً بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ، فَإِذَا جَزَّهُ فَقَدْ زَال الْمَانِعُ فَيَنْفُذُ عِنْدَ وُجُودِ الْقَبْضِ، وَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَخْصًا مُشَاعًا ثُمَّ قَسَمَهُ وَسَلَّمَهُ.
وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ هِبَةَ الْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُول لاَ تَجُوزُ، لأَِنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُول لاَ يَجُوزُ فَيَقَعُ الْعَقْدُ بَاطِلاً، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ هِبَةِ كُل مَمْلُوكٍ وَإِنْ كَانَ لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْمَجْهُول، وَالثَّمَرَةِ قَبْل بُدُوِّ صَلاَحِهَا وَالْمَغْصُوبِ، إِذِ الأَْصْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ هِبَةُ كُل مَا يَقْبَل النَّقْل شَرْعًا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً (2) .
كَمَا صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِهِبَةِ الْمَعْدُومِ بِأَنَّ الَّذِي يَهَبُ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ لِرَجُلٍ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ مَجْهُولاً فَلاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عِلْمُهُ أَوْ لاَ.
فَإِنْ كَانَ يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ كَزَيْتٍ اخْتَلَطَ بِزَيْتٍ أَوْ شَيْرَجٍ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْهِبَةِ كَالصُّلْحِ عَلَى مَجْهُولٍ لِلْحَاجَةِ، وَقِيل: لاَ يَصِحُّ.
__________
(1) المراجع السابقة.
(2) بداية المجتهد 2 / 248، والقوانين الفقهية ص 315، والخرشي 7 / 103، ومنح الجليل 4 / 82.
(3) المدونة 6 / 124، والذخيرة للقرافي 6 / 226.

الصفحة 126