كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
أَمَّا الْقَبْضُ دَلاَلَةً: فَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَيْنَ فِي الْمَجْلِسِ وَلاَ يَنْهَاهُ الْوَاهِبُ، فَإِنَّ قَبْضَهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، لأَِنَّ إِيجَابَ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الإِْذْنِ بِالْقَبْضِ دَلاَلَةً، وَالثَّابِتُ دَلاَلَةً كَالثَّابِتِ نَصًّا.
وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَجُوزَ الْقَبْضُ بِدُونِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَهُوَ قَوْل زُفَرَ (1) .
وَالثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْذْنَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقَبْضِ عِنْدَهُمْ، بَل إِنَّ الْقَبْضَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْهِبَةِ، بَل إِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ وَعَلَى الْوَاهِبِ التَّسْلِيمُ. وَبِهِ قَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ (2) .
أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَشْغُولاً بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ:
24 - يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ أَنْ لاَ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ مَشْغُولاً بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ.
وَهَذَا الشَّرْطُ يَأْتِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْقَبْضِ هُوَ التَّمَكُّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَقْبُوضِ فَإِذَا كَانَ
__________
(1) البدائع 6 / 123، مغني المحتاج 2 / 400، والإنصاف 7 / 122.
(2) الخرشي 7 / 104 - 107، والدسوقي 4 / 101، والإنصاف 7 / 122.
مَشْغُولاً لاَ يَتَحَقَّقُ هَذَا الْمَعْنَى.
وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إِذَا وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إِلَيْهِ أَوْ سَلَّمَ الدَّارَ مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّ الْفَرَاغَ شَرْطُ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ.
وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا لَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ، فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ، لأَِنَّ الْمَتَاعَ لَيْسَ مَشْغُولاً بِالدَّارِ بَل الدَّارُ مَشْغُولَةٌ بِالْمَتَاعِ (1) .
كَيْفِيَّةُ تَحَقُّقِ الْقَبْضِ:.
25 - الأَْصْل أَنَّ الْمُنَاوَلَةَ وَالأَْخْذَ إِقْبَاضٌ وَقَبْضٌ، كَذَلِكَ تَكُونُ التَّخْلِيَةُ قَبْضًا إِذَا خَلَّى الْوَاهِبُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ مَقْبُوضًا قَبْل الْهِبَةِ، كَمَا لَوْ وَهَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ لِلْوَدِيعِ وَالْمُعِيرُ الْعَارِيَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قَبْض ف 5 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 125.
(2) بدائع الصنائع 6 / 123، والمغني والشرح 6 / 250، والإنصاف 7 / 122.
الصفحة 133