كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

الأَْوَّل: أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَاهِبُ أَنْ يُبْطِل الشَّرْطَ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَمِثْل قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونٍ.

الثَّانِي: أَنَّ الْوَاهِبَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ شَرْطَهُ أَوْ يَسْتَرِدَّ هِبَتَهُ وَوَرَثَتَهُ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ أَمْرُهُ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْهِبَةَ جَائِزَةٌ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَبْسًا، فَإِذَا مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ أَوِ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجَعَ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ أَوْ وَرَثَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ عَلَى اخْتِلاَفِ قَوْل مَالِكٍ.

الْخَامِسُ: أَنَّ الشَّرْطَ عَامِلٌ، وَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ لاَزِمَةٌ، فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بَيْنَ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ كَالْحَبْسِ، لاَ يَبِيعُ وَلاَ يَهَبُ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وَرِثَ عَنْهُ عَلَى سَبِيل الْمِيرَاثِ، وَهُوَ قَوْل عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَوْل مُطَرِّفٍ فِي الْوَاضِحَةِ.
قَال الْحَطَّابُ: وَهَذَا الْقَوْل هُوَ أَظْهَرُ الأَْقْوَال وَأَوْلاَهَا بِالصَّوَابِ؛ لأَِنَّ الرَّجُل لَهُ أَنْ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا شَاءَ (1) .
__________
(1) مَوَاهِب الْجَلِيل 6 / 50، وَانْظُرِ الذَّخِيرَة 6 / 164.
الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى:
32 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَوْقِيتَ الْهِبَةِ لاَ يَجُوزُ، لَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي بَابِ الْهِبَةِ عَنِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَصُورَةٍ مِنْ صُوَرِ تَوْقِيتِ الْهِبَةِ بِالْعُمْرِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ (رُقْبَى ف 4، عُمْرَى ف 6) .

الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ:
33 - الأَْصْل فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ أَيْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لاَ يُعَوِّضُ الْوَاهِبَ شَيْئًا عَمَّا وَهَبَهُ لَهُ.
إِلاَّ أَنَّهُ لَوْ صَدَرَتِ الْهِبَةُ مِنَ الْوَاهِبِ مُقْتَرِنَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ مُقَابِل الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ، كَمَا لَوْ قَال الْوَاهِبُ: وَهَبْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ عَلَى أَنَّ تُثِيبَنِي أَوْ تُعَوِّضَنِي فَهَل يَصِحُّ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ قَوْلاَنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ.
وَحُجَّتُهُمْ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا (1) .
__________
(1) حَدِيث: " الْوَاهِب أَحَقّ بِهِبَتِهِ. . . ". أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ (3 / 44 ط دَارَ الْمَحَاسِن) ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (6 / 181 ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ) وَقَال: فِيهِ إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل ضَعِيف.

الصفحة 139