كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
الْمُبْتَدَأَةِ لاَ حُكْمُ الْفَسْخِ.
أَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الرُّجُوعِ قَضَاءَ الْقَاضِي وَلاَ التَّرَاضِيَ؛ لأَِنَّهُمْ حِينَ أَجَازُوا رُجُوعَ الأَْبِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ إِنَّمَا اعْتَمَدُوا نَصًّا مِنَ الشَّرْعِ، فَالرُّجُوعُ بَعْدَئِذٍ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى أَيِّ شَرْطٍ؛ لِخُلُوِّ النَّصِّ الَّذِي أَجَازَهُ عَنْ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ (1) .
فَإِذَا رَجَعَ الأَْبُ فَإِنَّهُ خِيَارٌ فِي فَسْخِ عَقْدِ الْهِبَةِ كَالْفَسْخِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَلاَ يَكُونُ الرُّجُوعُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً (2) .
وَإِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ بِعِوَضٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْبَيْعِ وَتَأْخُذُ أَحْكَامَهُ فِي الْفَسْخِ وَالإِْقَالَةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ التَّفَاسُخَ فِي الْهِبَةِ وَالتَّقَايُل لَيْسَ رُجُوعًا، فَلاَ تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ بِهِمَا (3) .
الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:
46 - إِذَا حَصَل الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الآْثَارُ التَّالِيَةُ:
أ - يَعُودُ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ إِلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ.
__________
(1) الْمُغْنِي وَالشَّرْح الْكَبِير 6 / 282، وَحَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ وَعَمِيرَة 3 / 114.
(2) الْمُغْنِي وَالشَّرْح الْكَبِير 6 / 282.
(3) حَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ وَعَمِيرَة 3 / 114.
ب - يَمْلِكُهُ الْوَاهِبُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لأَِنَّ الْقَبْضَ يُعْتَبَرُ فِي انْتِقَال الْمِلْكِ لاَ فِي عَوْدِ مِلْكٍ قَدِيمٍ. وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ الرُّجُوعَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ.
ج - الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ بَعْدَ الرُّجُوعِ يَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لاَ يَضْمَنُ؛ لأََنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ قَبْضٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، فَإِذَا انْفَسَخَتِ الْهِبَةُ بَقِيَ قَبْضُ الْوَاهِبِ قَائِمًا وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُعِيدَ الْهِبَةَ، لاَ يَضْمَنُ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي؛ لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ.
47 - إِذَا وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُل ذَلِكَ بِتَرَاضٍ لاَ قَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّهُ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ.
وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَزِمَ مَا يَلِي:
- لاَ يَمْلِكُهُ الْوَاهِبُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.
- إِذَا قَبَضَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ بِالتَّرَاضِي أَوِ التَّقَاضِي.
- لَيْسَ لِلْمُتَّهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ (1) .
__________
(1) بَدَائِع الصَّنَائِع 6 / 134.
الصفحة 155