كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

تَرَتُّبُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى مَا يُنْطَقُ بِالتَّهَجِّي:
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الأَْحْكَامَ الْفِقْهِيَّةَ تَتَرَتَّبُ عَلَى أَلْفَاظِ الْعُقُودِ أَوِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا هَذِهِ الأَْحْكَامُ (1) .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هِجَاءَ اللَّفْظِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ أَوِ الْعِتْقُ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ أَوِ الْعِتْقُ كَذَلِكَ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: يَقَعُ الطَّلاَقُ بِالتَّهَجِّي كَأَنْتِ (ط ال ق) وَكَذَا لَوْ قِيل لَهُ: طَلَّقْتَهَا؟ فَقَال: (ن ع م) إِذَا نَوَى وَصَرَّحَ بِقَيْدِ النِّيَّةِ فِي الْبَدَائِعِ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ قَصْدُ لَفْظِ الطَّلاَقِ لِمَعْنَاهُ، وَلاَ يَكْفِي قَصْدُ حُرُوفِ الطَّلاَقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَعْنَاهُ (3) .

حُكْمُ التَّهَاجِي:
10 - إِذَا هَجَا شَخْصٌ آخَرَ دُونَ حَقٍّ، فَبَادَلَهُ الْمَهْجُوُّ الْهِجَاءَ، فَهَل يَأْثَمَانِ أَوْ يَأْثَمُ
__________
(1) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 7 / 121 (مَطْبَعَة أَنْصَار السُّنَّة الْمُحَمَّدِيَّةِ - الْقَاهِرَةِ) .
(2) شُرِحَ فَتْح الْقَدِير 3 / 325، 354 " دَار إِحْيَاء التُّرَاثِ الْعَرَبِيِّ - بَيْرُوت - لُبْنَان ".
(3) مُغْنِي الْمُحْتَاج إِلَى مَعْرِفَةِ أَلْفَاظ الْمِنْهَاج 3 / 280 (دَار الْفِكْرِ) .
الْبَادِي مِنْهُمَا؟ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالاَ، فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ (1) .
وَنَقَل ابْنُ عَلاَّنٍ عَنِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ: مَعْنَاهُ أَنَّ إِثْمَ السِّبَابِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا يَخْتَصُّ بِالْبَادِي مِنْهُمَا كُلَّهُ، إِلاَّ أَنْ يُجَاوِزَ الثَّانِي قَدْرَ الاِنْتِصَارِ فَيُؤْذِي الظَّالِمَ بِأَكْثَرَ مِمَّا قَالَهُ.
وَقَال: وَفِيهِ جَوَازُ الاِنْتِصَارِ، وَلاَ خِلاَفَ فِيهِ، وَتَظَاهَرَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالصَّبْرُ وَالْعَفْوُ أَفْضَل كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُْمُورِ (2) } ، قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ". . . وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا (3) .
وَإِذَا حَدَثَ الاِنْتِصَارُ دُونَ تَجَاوُزٍ يَبْرَأُ الْمُنْتَصِرُ، وَيَبْرَأُ الْبَادِئُ عَنْ ظُلْمِهِ بِوُقُوعِ الْقَصَاصِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ إِثْمُ الاِبْتِدَاءِ عَلَى الْبَادِئِ (4) .
__________
(1) حَدِيث: " الْمُسْتَبَّان مَا قَالاَ، فَعَلَى الْبَادِي. . . ". أَخْرَجَهُ مُسْلِم (4 / 2000 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(2) سُورَة الشُّورَى / 43.
(3) حَدِيث: " مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عَزَا ". أَخْرَجَهُ مُسْلِم (4 / 2001 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(4) دَلِيل الْفَالِحِينَ 4 / 414.

الصفحة 161