كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

بُعْدِ مَكَانِهِ وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَال (1) إِلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَيُدْفَعَ إِلَيْهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، هَذَا إِذَا أَهْدَاهُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ، أَوْ مَنْ لاَ خُصُومَةَ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُهْدَى إِلَيْهِ قَبْل الْوِلاَيَةِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْخُصُومَةِ تَدْعُو إِلَى الْمَيْل، وَفِي حَالَةِ عَدَمِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ الإِْهْدَاءِ الْعَمَل (2) . (ر: قَضَاء ف 35) .
وَيَجُوزُ لَهُ قَبُول الْهَدِيَّةِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ كَانَ يُهْدَى لَهُ قَبْل الْوِلاَيَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ مُرْتَقَبَةٌ، وَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يُهْدِيهِ قَبْل الْوِلاَيَةِ أَوِ التَّرْشِيحِ، لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، بِخِلاَفِهَا بَعْدَ التَّرْشِيحِ أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ، فَيَحْرُمُ الْكُل إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِالْوَصْفِ، كَأَنْ كَانَ يُهْدَى أَثْوَابًا مِنَ الْكَتَّانِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْوِلاَيَةِ الْحَرِيرُ.
وَسَائِرُ الْعُمَّال مِمَّنْ يَتَوَلَّوْنَ وِلاَيَةً عَامَّةً كَالْقَاضِي فِي حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ
__________
(1) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، والمحلي 4 / 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316.
(2) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
وَمِنْهُمْ مَشَائِخُ الأَْسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَالْقُرَى وَمُبَاشِرُو الأَْوْقَافِ وَكُل مَنْ يَعْمَل لِلْمُسْلِمِينَ عَمَلاً حُكْمُهُ فِي الْهَدِيَّةِ حُكْمُ الْقَاضِي (1) .
وَالأَْصْل فِي حُرْمَةِ قَبُول هَؤُلاَءِ الْهَدَايَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَدَايَا الْعُمَّال غُلُولٌ (2) ، وَفِي لَفْظٍ: هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ (3) ، وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اسْتَعْمَل رَجُلاً مِنَ الأَْسْدِ يُقَال لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَال: " مَا بَال عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُول: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟ أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَنَال أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ
__________
(1) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
(2) حَدِيث: " هَدَايَا الْعُمَّال غُلُول " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5 / 424 ط الْمَيْمَنَة) . وأورده الهيثمي فِي الْمَجْمَعِ (4 / 151 ط مَكْتَبَة الْقُدْسِيّ) ، وَقَال: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِيرِ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَنْ أَهْل الْحِجَازِ وَهِيَ ضَعِيفَة.
(3) حَدِيث: " هَدَايَا السُّلْطَان سُحْت " أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ (1 / 331، ط طلاس) مِنْ حَدِيثِ أَنَس.

الصفحة 259