كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
عَلَى انْقِسَامِهَا فِي حُكْمِ الرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ، فَكُل حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ وَلاَ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى الرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ يَثْبُتُ مَعَ الْهَزْل، وَكُل حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ لاَ يَثْبُتُ مَعَ الْهَزْل (1) .
شَرْطُ تَحَقُّقِ الْهَزْل وَاعْتِبَارِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ:
8 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ شَرْطَ تَحَقُّقِ الْهَزْل وَاعْتِبَارِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا بِاللِّسَانِ، مِثْل أَنْ يَقُول: إِنِّي أَبِيعُ هَازِلاً، وَلاَ يُكْتَفَى بِدَلاَلَةِ الْحَال، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ، فَيَكْفِي أَنْ تَكُونَ الْمُوَاضَعَةُ سَابِقَةً عَلَى الْعَقْدِ.
فَإِنْ تَوَاضَعَا عَلَى الْهَزْل بِأَصْل الْبَيْعِ، أَيْ تَوَافَقَا عَلَى أَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عِنْدَ النَّاسِ وَلاَ يُرِيدَانِهِ، وَاتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ، أَيْ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَرْفَعَا الْهَزْل، وَلَمْ يَرْجِعَا عَنْهُ فَالْبَيْعُ مُنْعَقِدٌ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِعَدَمِ الرِّضَا بِحُكْمِهِ، فَصَارَ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَبَدًا، لَكِنَّهُ لاَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ؛ لِعَدَمِ الرِّضَا بِالْحُكْمِ (2) .
__________
(1) كُشِفَ الأَْسْرَار 4 / 1478.
(2) مِشْكَاة الأَْنْوَار فِي أُصُول الْمَنَار 2 / 109، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 4 / 7، وكشف الأَْسْرَار 4 / 1447، والتوضيح وَالتَّلْوِيح 2 / 394.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْهَزْل
9 - الْهَزْل قَدْ يَقَعُ فِي أَيِّ تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَالتَّصَرُّفَاتُ تَنْقَسِمُ بِحَسَبِ الرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ إِلَى إِنْشَاءَاتٍ، وَإِخْبَارَاتٍ، وَاعْتِقَادَاتٍ؛ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ إِنْ كَانَ إِحْدَاثَ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْشَاءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ بَيَانَ الْوَاقِعِ فَإِخْبَارَاتٌ، وَإِلاَّ فَاعْتِقَادَاتٌ، وَنُورِدُ فِيمَا يَلِي الأَْحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِكُل قِسْمٍ (1) .
الْقِسْمُ الأَْوَّل: الْهَزْل فِي الإِْنْشَاءَاتِ
10 - الْهَزْل فِي الإِْنْشَاءَاتِ يَأْتِي عَلَى نَوْعَيْنِ؛ لأَِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَحْتَمِل النَّقْضَ - أَيِ الَّتِي يُجْرَى فِيهَا الْفَسْخُ وَالإِْقَالَةُ، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ - أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيمَا لاَ يَحْتَمِل النَّقْضَ، كَالنِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ وَالرَّجْعَةِ، وَنُورِدُ فِيمَا يَلِي أَثَرَ الْهَزْل فِي كُلٍّ مِنْهُمَا:
النَّوْعُ الأَْوَّل: الْهَزْل فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَحْتَمِل النَّقْضَ:
11 - إِنَّ الْهَزْل فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَحْتَمِل
__________
(1) تَيْسِير التَّحْرِير 2 / 290، وشرح التَّلْوِيح عَلَى التَّوْضِيحِ 2 / 187.
الصفحة 273