كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
وَعَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ طَلَّقَ أَوْ حَرَّرَ أَوْ أَنْكَحَ أَوْ نَكَحَ فَقَال: إِنِّي كُنْتُ لاَعِبًا فَهُوَ جَائِزٌ (1) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالإِْجْمَاعِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ هَزْل الطَّلاَقِ وَجِدَّهُ سَوَاءٌ (2) .
وَنَصَّ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لاَ تَحْتَمِل النَّقْضَ وَلاَ مَال فِيهَا تَأْخُذُ حُكْمَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ (3) .
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلاَقَ، وَالرَّجْعَةَ، وَالظِّهَارَ، وَالْيَمِينَ، وَالْعِتْقَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ الْهَزْل وَالْجِدَّ فِيهَا سَوَاءٌ، لِلْحَدِيثِ ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ. . . " فَقَدْ رُوِيَ بِرِوَايَاتٍ: بَعْضُهَا: " النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالْيَمِينُ " وَفِي رِوَايَةٍ: " وَالْعِتْقُ " بَدَل
__________
(1) حَدِيث: " مَنْ طَلْق أَوْ حَرَّرَ. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة (5 / 106 - ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ مُرْسَلاً.
(2) الْمُغْنِي 7 / 303.
(3) تَقَدَّمَ تَخْرِيجه فِقْرَة (1) .
" الْيَمِينُ " وَفِي رِوَايَةٍ " وَالرَّجْعَةُ " بَعْدَ النِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ (1) " فَأُخِذَ بِهَا فَكَانَ حُكْمُهَا وَاحِدًا، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ: الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ وَالنَّذْرُ فَإِنَّهَا مَقِيسَةٌ عَلَيْهَا بِجَامِعِ أَنَّهَا إِنْشَاءَاتٌ لاَ تَحْتَمِل الْفَسْخَ، فَقَدْ أُلْحِقَ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ بِ ـ " الْعِتْقُ "، وَالنَّذْرُ بِ ـ " الْيَمِينُ ".
وَجَعَل الْمَالِكِيَّةُ الرَّجْعَةَ مُلْحَقَةً بِالطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ، قَال فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الطَّلاَقِ فِي شَرْحِ قَوْل ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الْهَزْل فِي الطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ. . . وَيُلْحَقُ بِالثَّلاَثِ الرَّجْعَةُ، وَالْمَشْهُورُ اللُّزُومُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " قَال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ.
وَلَكِنْ نَصَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ كَرَجَعْتُ. . . وَتَكُونُ بِهِ مَعَ النِّيَّةِ رَجْعَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، أَمَّا مَعَ الْهَزْل فَإِنَّهَا تَكُونُ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ لِعَدَمِ
__________
(1) وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ (3 / 186، 187) : " فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ مَعَ الإِْكْرَاهِ، وَالْهَزْل، وَاللَّعِبِ، وَالْخَطَأِ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبْقَاءُ النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ دُونَ الإِْنْشَاءِ، وَلَمْ تَشْتَرِطْ هَذِهِ الأَْشْيَاء لِلإِْن
الصفحة 279