كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
عَلَى أَنَّ الْمَال أَلْفٌ، أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى أَنَّ الْمَال أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَكَذَا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، أَوْ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ، وَنُوَضِّحُ آرَاءَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَلِي:
أ - الْهَزْل فِي أَصْل الْخُلْعِ:
29 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا هَزَل الزَّوْجَانِ فِي أَصْل الْخُلْعِ، فَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنْهَا، أَوْ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ مِنَ الْبِنَاءِ أَوِ الإِْعْرَاضِ، أَوْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ:
الصُّورَةُ الأُْولَى: الْهَزْل فِي أَصْل الْخُلْعِ:
30 - إِذَا هَزَل الزَّوْجَانِ بِأَصْل الْخُلْعِ، بِأَنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا يُخَالِعَانِ بِكَذَا عِنْدَ النَّاسِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ هَزْلاً، وَأَشْهَدَا عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ بَنَيَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الصُّورَةِ:
فَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: أَنَّ الطَّلاَقَ وَاقِعٌ، وَالْمَال لاَزِمٌ كُلَّهُ؛ لأَِنَّ الْهَزْل لاَ يُؤَثِّرُ فِي الْخُلْعِ أَصْلاً عِنْدَهُمَا؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ لاَ يَحْتَمِل خِيَارَ الشَّرْطِ، حَتَّى لَوْ شَرَطَا فِي الْخُلْعِ الْخِيَارَ لَهَا وَقَعَ الطَّلاَقُ وَوَجَبَ الْمَال وَبَطَل الْخِيَارُ؛
لأََنَّ الْخُلْعَ تَصَرُّفُ يَمِينٍ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ، فَلِهَذَا لاَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ قَبْل الْقَبُول، وَقَبُولُهَا شَرْطُ الْيَمِينِ، فَلاَ يُحْتَمَل الْخِيَارُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ، وَإِذَا لَمْ يُحْتَمَل الْخِيَارُ لاَ يُحْتَمَل الْهَزْل؛ لأَِنَّ الْهَزْل بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
هَذَا، وَلاَ يَخْتَلِفُ الْحَال عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ بِالإِْعْرَاضِ عَنْهَا، أَوْ بِالاِخْتِلاَفِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَقَعُ، بَل يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الْمَرْأَةِ الطَّلاَقَ بِالْمَال الْمُسَمَّى بِطَرِيقِ الْجِدِّ وَإِسْقَاطِ الْهَزْل، سَوَاءٌ هَزِلاَ بِأَصْل الْعَقْدِ، أَوْ بِقْدَرِ الْبَدَل، أَوْ بِجِنْسِهِ، أَيْ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةِ الْمَرْأَةِ لإِِمْكَانِ الْعَمَل بِالْمُوَاضَعَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ لاَ يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ بِخِلاَفِ الْبَيْعِ، وَالْعَمَل بِالْمُوَاضَعَةِ أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلاَقُ بِجَمِيعِ الْبَدَل، وَلاَ يَقَعُ فِي الْحَال، بَل يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهَا.
قَال التَّفْتَازَانِيُّ: كَمَا إِذَا قَال الرَّجُل لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّكِ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالَتْ: قَبِلْتُ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَقَعُ الطَّلاَقُ، وَيَلْزَمُ الْمَال. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنْ رَدَّتِ الطَّلاَقَ فِي الثَّلاَثَةِ الأَْيَّامِ بَطَل الطَّلاَقُ، وَإِنْ أَجَازَتْ، أَوْ لَمْ تَرُدَّ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ فَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ وَالأَْلْفُ
الصفحة 283