كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَلِبُطْلاَنِ الْهَزْل (1) .

ب - الْهَزْل فِي قَدْرِ الْمَال الْمُخَالَعِ عَلَيْهِ:
34 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ الْهَزْل فِي قَدْرِ الْمَال الْمُخَالَعِ عَلَيْهِ، بِأَنْ سَمَّى الزَّوْجَانِ أَلْفَيْنِ، وَالْبَدَل فِي الْوَاقِعِ أَلْفٌ، أَيْ طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى أَنَّ الْمَال أَلْفٌ: فَإِنِ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ - بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ - عَلَى بِنَائِهِمَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ: فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الطَّلاَقَ وَاقِعٌ، وَالْمَال لاَزِمٌ كُلُّهُ، وَهُوَ الأَْلْفَانِ؛ لأَِنَّ الْهَزْل لاَ يُؤَثِّرُ فِي الْخُلْعِ عِنْدَهُمَا؛ وَإِنْ كَانَ مُؤَثِّرًا فِي الْمَال، لَكِنَّ الْمَال تَابِعٌ لِلْخُلْعِ، وَثَابِتٌ فِي ضِمْنِهِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ الْهَزْل فِيهِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلاَقُ بِاخْتِيَارِ الْمَرْأَةِ الطَّلاَقَ بِجَمِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى سَبِيل الْجِدِّ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ يَتَعَلَّقُ بِكُل الْبَدَل، وَبَعْضُ الْبَدَل قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمَرْأَةِ، فَبَعْضُ الطَّلاَقِ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهَا، لَكِنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَتَبَعَّضُ فَتَعَلَّقَ الْكُل بِاخْتِيَارِهَا، فَمَا لَمْ تَقْبَل جَمِيعَ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ لاَ يَقَعُ، وَقَدْ عَبَّرَ التَّفْتَازَانِيُّ عَنْ رَأْيِ الإِْمَامِ بِقَوْلِهِ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَوَقَّفُ الطَّلاَقُ
__________
(1) الْمَرَاجِع السَّابِقَة.
عَلَى مَشِيئَةِ الْمَرْأَةِ، لإِِمْكَانِ الْعَمَل بِالْمُوَاضَعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ لاَ يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلاَفِ الْبَيْعِ، وَالْعَمَل بِالْمُوَاضَعَةِ: أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلاَقُ بِجَمِيعِ الْبَدَل. وَلاَ يَقَعُ فِي الْحَال، بَل يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهَا (1) .
وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنِ الْهَزْل لَزِمَ الطَّلاَقُ وَوَجَبَ الْمَال كُلُّهُ لِرِضَاهُمَا بِذَلِكَ.
وَكَذَا إِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ وَقَعَ الطَّلاَقُ وَوَجَبَ الْمَال الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلأَِنَّهُ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى الْجِدِّ، وَجَعَلَهُ أَوْلَى مِنَ الْمُوَاضَعَةِ.
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِبُطْلاَنِ الْهَزْل مِنَ الأَْصْل، فَكَذَا فِي الْمَال تَبَعًا، حَتَّى وَجَبَ الْمَال فِيمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ وَلَمْ يُؤَثِّرِ الْهَزْل فِيهِ، فَفِيمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ بِالطَّرِيقِ الأَْوْلَى، وَإِنِ اخْتَلَفَا يَكُونُ الْقَوْل قَوْل مَنْ يَدَّعِي الإِْعْرَاضَ عَنِ الْهَزْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لِرُجْحَانِ جَانِبِ الْجِدِّ عِنْدَهُ، فَوَقَعَ الطَّلاَقُ وَوَجَبَ الْمَال كُلُّهُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ، لِبُطْلاَنِ
__________
(1) فَتْح الْغَفَّار 3 / 113، وشرح الْمَنَار ص 986، وشرح التَّلْوِيح عَلَى التَّوْضِيحِ 2 / 190.

الصفحة 285