كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

التَّسْلِيمِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِلْغَرَرِ.
وَفَارَقَ سَائِرَ الطُّيُورِ الَّتِي لاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ خَارِجُ قَفَصِهَا؛ لأَِنَّ النَّحْل لاَ يَأْكُل عَادَةً إِلاَّ بِمَا يَرْعَاهُ، فَلَوْ تَوَقَّفَ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى حَبْسِهِ لَرُبَّمَا أَضَرَّ بِهِ وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ (1) .
وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ النَّحْل أَنْ يَكُونَ يَعْسُوبُهُ - وَهُوَ أَمِيرُهُ - فِي الْكُوَّارَةِ، وَأَنْ يُشَاهَدَ جَمِيعُهُ، وَإِلاَّ فَهُوَ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَتُجْرَى فِيهِ أَحْكَامُهُ.
وَقَال الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ: إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ طَائِرٌ فِي الْهَوَاءِ فَوَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ الصِّحَّةُ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ بَيْعُ النَّحْل إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي كُوَّارَتِهِ عَسَلٌ فَبَاعَ الْكُوَّارَةَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَسَل وَالنَّحْل، فَيَصِحُّ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْعَسَل؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُنْتَفَعٍ بِهِ، فَلَمْ يَكُنْ مَالاً بِنَفْسِهِ، بَل بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مِنَ الْعَسَل وَهُوَ مَعْدُومٌ عِنْدَ بَيْعِ النَّحْل وَحْدَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ بَاعَ النَّحْل مَعَ الْكُوَّارَةِ وَفِيهَا عَسَلٌ، يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْعَسَل. وَيَجُوزُ أَنْ لاَ يَكُونَ الشَّيْءُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ بِنَفْسِهِ
__________
(1) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 13، 3 / 350، وحاشية الْقَلْيُوبِيّ 2 / 158، وكشاف الْقِنَاع 3 / 152 - 153.
(2) رَوْضَة الطَّالِبِينَ 3 / 350 والمراجع السَّابِقَة.
مُنْفَرِدًا، وَيَكُونَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ مَعَ غَيْرِهِ كَبَيْعِ الشُّرْبِ مَعَ الأَْرْضِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَجُوزُ مُنْفَرِدًا؛ لأَِنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ (1) .
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْعَ النَّحْل، فَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الزُّرْقَانِيِّ نَقْلاً عَنِ الْحَطَّابِ: وَنَحْل الأَْجْبَاحِ (2) لاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ جُزَافًا؛ لِمَشَقَّةِ عَدِّهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِدُونِ الأَْجْبَاحِ. وَقَال الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزُّرْقَانِيُّ: لاَ يُبَاعُ بِدُونِهَا، وَقَال الْبُرْزُلِيُّ: إِنِ اشْتَرَى الأَْجْبَاحَ دَخَلَتِ النَّحْل، وَكَذَا الْعَكْسُ. وَلاَ يَدْخُل الْعَسَل فِي الْوَجْهَيْنِ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلِيٌّ الأَْجْهُورِيُّ.
وَيُجْمَعُ بَيْنَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ الزُّرْقَانِيُّ بِحَمْل الْجَوَازِ عَلَى بَيْعِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي الْجَبْحِ، بِدَلِيل قَوْلِهِ: لِمَشَقَّةِ عَدِّهِ، وَحَمْل مَا قَالَهُ أَحْمَدُ الزُّرْقَانِيُّ مِنَ الْمَنْعِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ طَائِرًا مِنْهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (3) .
5 - وَيَصِحُّ بَيْعُ دِيدَانٍ لِصَيْدِ السَّمَكِ وَدُودِ الْقَزِّ، وَبَزْرِه - وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ
__________
(1) بَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 144.
(2) الجبح - بِتَثْلِيث الْجِيم وَسُكُون الْبَاءِ - هُوَ حَيْثُ تَعْسِل النَّحْل إِذَا كَانَ غَيْرَ مَصْنُوع. وَقِيل: هِيَ مَوْضِع النَّحْل فِي الْجَبَل وَفِيهَا تَعْسِل (السَّانّ الْعَرَب)
(3) حَاشِيَة الزُّرْقَانِيّ 5 / 32 - 33.

الصفحة 318