كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

الْقَائِل وَالْمَقُول لَهُ مِنْ أَهْل الْهَيْئَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، عُوقِبَ الْقَائِل عُقُوبَةً خَفِيفَةً يُهَانُ وَلاَ يَبْلُغُ بِهِ السِّجْنَ.
وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِل أَشَدَّ مِنْ عُقُوبَةِ الْقَائِل الأَْوَّل الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ يَبْلُغُ فِيهَا السِّجْنَ.
وَإِنْ كَانَ الْقَائِل مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُول لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالتَّوْبِيخِ، وَلاَ يَبْلُغُ بِهِ الإِْهَانَةَ وَلاَ السِّجْنَ.
وَإِنْ كَانَ الْقَائِل مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُول لَهُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ (1) .
10 - وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ تَأْدِيبَ ذِي الْهَيْئَةِ مِنْ أَهْل الصِّيَانَةِ أَخَفُّ مِنْ تَأْدِيبِ أَهْل الْبَذَاءَةِ وَالسَّفَاهَةِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ (2) .
11 - وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلاً لَهُ مُرُوءَةٌ وَخَطَرٌ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ لاَ أَحْبِسَهُ وَلاَ أُعَزِّرَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَوَّل مَا فَعَل؛ لِمَا ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَجَافُوا عَنْ
__________
(1) تَبْصِرَة الْحُكَّامِ 2 / 208 - 210.
(2) الأَْحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ لأَِبِي يَعْلَى ص 279. وَالْحَدِيثُ سَبَقَ تَخْرِيجُهُ ف 8
عُقُوبَةِ ذِي الْمُرُوءَةِ إِلاَّ فِي الْحُدُودِ (1) .
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ: وُعِظَ حَتَّى لاَ يَعُودَ إِلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ضُرِبَ التَّعْزِيرُ.
وَفِي التُّمُرْتَاشِيِّ إِنْ كَانَ لَهُ خَطَرٌ وَمُرُوءَةٌ فَالْقِيَاسُ: أَنْ يُعَزَّرَ، وَفِي الاِسْتِحْسَانِ: لاَ، إِنْ كَانَ أَوَّل مَا فَعَل، فَإِنْ فَعَل مَرَّةً أُخْرَى عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَا مُرُوءَةٍ، وَالْمُرُوءَةُ مُرُوءَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَعَقْلِيَّةٌ (2) .
وَنَقَل الْحَنَفِيَّةُ أَصْل الْمَسْأَلَةِ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَالُوا بَعْدَمَا ذَكَرُوا: إِنَّ التَّعْزِيرَ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَالْحَدِّ، وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، ثُمَّ ذَكَرُوا حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ.
وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَال عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: وَمَا فِي الْقِنْيَةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا مُرُوءَةٍ وَكَانَ أَوَّل مَا فَعَل - يُوعَظُ اسْتِحْسَانًا وَلاَ يُعَزَّرُ، فَإِنْ عَادَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ، رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُضْرَبُ، وَهَذَا يَجِبُ أَنْ
__________
(1) حَدِيث: (تُجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذِي الْمُرُوءَةِ. . . " أَخْرَجَهُ مُحَمَّد بْن خَلَف الْمَرْزُبَانُ فِي كِتَاب الْمُرُوءَة (ص 32 - ط دَارٍ ابْن حَزْمٍ) مِنْ حَدِيثِ الْحَسَن وَهُوَ الْبَصْرِيّ مُرْسَلاً بِلَفْظ " تُجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذِي المرو
(2) رَدّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدَّرِّ الْمُخْتَارِ 3 / 187، 191، وفتح الْقَدِير 5 / 113 - 114.

الصفحة 327