كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
لاِبْنِ رَجَبٍ: مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ فَأَتَى بِمَا لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا دُونَهُ لأََجْزَأَهُ هَل يُوصَفُ الْكُل بِالْوُجُوبِ أَوْ قَدْرُ الإِْجْزَاءِ مِنْهُ؟ فَقَال: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً مُنْفَصِلَةً فَلاَ إِشْكَال فِي أَنَّهَا نَفْلٌ بِانْفِرَادِهَا، كَإِخْرَاجِ صَاعَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ فِي الْفِطْرَةِ وَنَحْوِهَا. وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَوَّلُهُمَا: أَنَّ الزِّيَادَةَ نَدْبٌ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَمِيعَ وَاجِبٌ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى.
وَتُبْنَى عَلَيْهِ مَسَائِل:
مِنْهَا: إِذَا أَدْرَكَ الإِْمَامَ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ فَوَاتِ قَدْرِ الإِْجْزَاءِ مِنْهُ هَل يَكُونُ مُدْرِكًا لَهُ فِي الْفَرِيضَةِ؟ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ تَخْرِيجُهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ إِذَا قُلْنَا: لاَ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرَضِ بِالْمُتَنَفِّل، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: وَيُحْتَمَل أَنْ تُجْرَى الزِّيَادَةُ مَجْرَى الْوَاجِبِ فِي بَابِ الاِتِّبَاعِ خَاصَّةً، إِذْ الاِتِّبَاعُ قَدْ يُسْقِطُ الْوَاجِبَ كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ وَمُصَلِّي الْجُمْعَةِ مِنِ امْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَمُسَافِرٍ.
وَمِنْهَا: إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فَذَبَحَ بَدَنَةً فَهَل كُلُّهَا وَاجِبَةٌ أَوْ سُبْعُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَمِنْهَا: إِذَا أَدَّى عَنْ خَمْسٍ مِنَ الإِْبِل بَعِيرًا -
وَقُلْنَا: يَجْزِيهِ - فَهَل الْوَاجِبُ كُلُّهُ أَوْ خُمْسُهُ الْوَاجِبُ؟ حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِيهِ وَجْهَيْنِ: فَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ خُمْسَهُ الْوَاجِبُ يُجْزِئُ عَنْ عِشْرِينَ بَعِيرًا أَيْضًا، وَعَلَى الآْخَرِ لاَ يُجْزِئُ عَنِ الْعِشْرِينَ إِلاَّ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ.
وَمِنْهَا: إِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً - وَقُلْنَا: الْفَرْضُ مِنْهُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ - فَهَل الْكُل فَرْضٌ أَوْ قَدْرُ النَّاصِيَةِ مِنْهُ؟
وَمِنْهَا: إِذَا أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ سِنًّا أَعْلَى مِنَ الْوَاجِبِ فَهَل كُلُّهُ فَرْضٌ أَوْ بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ؟ قَال أَبُو الْخَطَّابِ: كُلُّهُ فَرْضٌ، وَقَال الْقَاضِي: بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لأَِنَّ الشَّارِعَ أَعْطَاهُ جُبْرَانًا عَنِ الزِّيَادَةِ.
فَأَمَّا مَا كَانَ الأَْصْل فَرْضِيَّتَهُ وَوُجُوبَهُ ثُمَّ سَقَطَ بَعْضُهُ تَخْفِيفًا، فَإِذَا فَعَل الأَْصْل وُصِفَ الْكُل بِالْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَمِنْ ذَلِكَ إِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا فَإِنَّ الْكُل فَرْضٌ فِي حَقِّهِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الأَْخِيرَتَيْنِ نَفْلٌ لاَ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِهِ فِيهِمَا، وَهُوَ مُتَمَشٍّ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْقَصْرِ، وَالْمَذْهَبُ الأَْوَّل.
وَمِنْهُ إِذَا كَفَرَ الْوَاطِئُ فِي الْحَيْضِ بِدِينَارٍ فَإِنَّ الْكُل وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ الاِقْتِصَارُ عَلَى نِصْفِهِ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ قَوْل أَبِي بَكْرٍ،
الصفحة 341