كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

النِّيَابَةُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ:
25 - الْحَجُّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَذْرًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا.
فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، وَكَذَا الْحَجُّ الْمَنْذُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ كَرَاهَتَهُ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحَجُّ حَجَّ تَطَوُّعٍ، وَكَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَدْ أَدَّى حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّهُ تَجُوزُ الاِسْتِنَابَةُ (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ كَرَاهَةَ الاِسْتِنَابَةِ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ (3) ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 118) .

الْعَجْزُ عَنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ عَجْزًا مَرْجُوَّ الزَّوَال:
26 - صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْنْسَانُ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 241، والمغني 5 / 23.
(2) الدسوقي 2 / 18، والشرح الصغير 2 / 15.
(3) المجموع 7 / 116، والإنصاف 3 / 418، والمغني 5 / 23.
عَاجِزًا عَنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ عَجْزًا مَرْجُوَّ الزَّوَال، كَالْمَرِيضِ مَرَضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَالْمَحْبُوسِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ حَجٌّ لاَ يَلْزَمُهُ عَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجِّ الْفَرْضِ، أَنَّ الْفَرْضَ عِبَادَةُ الْعُمْرِ فَلاَ يَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ هَذَا الْعَامِ، وَالتَّطَوُّعُ مَشْرُوعٌ فِي كُل عَامٍ فَيَفُوتُ حَجُّ هَذَا الْعَامِ بِتَأْخِيرِهِ، وَلأَِنَّ حَجَّ الْفَرْضِ إِذَا مَاتَ قَبْل فِعْلِهِ فُعِل بَعْدَ مَوْتِهِ، وَحَجُّ التَّطَوُّعِ لاَ يُفْعَل فَيَفُوتَ (1) .

مَا يَصِيرُ بِهِ النَّائِبُ مُخَالِفًا وَحُكْمُهُ إِذَا خَالَفَ:
أ - أَمَرَهُ بِالإِْفْرَادِ فَقَرَنَ:
27 - إِذَا أُمِرَ النَّائِبُ بِالإِْفْرَادِ فَقَرَنَ فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مُخَالِفًا وَلاَ يَضْمَنُ، وَوَقَعَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ فَعَل الْمَأْمُورَ بِهِ وَزَادَ خَيْرًا، فَكَانَ مَأْذُونًا فِي الزِّيَادَةِ دَلاَلَةً، فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا فَصَحَّ وَلَمْ يَضْمَنْ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ تُسَاوِي إِحْدَاهُمَا دِينَارًا (2) .
__________
(1) المغني 5 / 23
(2) المجموع 7 / 139، والمغني 5 / 28، والبدائع 2 / 213، 214.

الصفحة 36