كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلاَنِ شَخْصًا: أَحَدُهُمَا لِيَحُجَّ عَنْهُ وَالثَّانِي لِيَعْتَمِرَ عَنْهُ فَقَرَنَ عَنْهُمَا، فَعَلَى الْجَدِيدِ يَقَعَانِ عَنِ الأَْجِيرِ، وَعَلَى الثَّانِي يَقَعُ عَنْ كُل وَاحِدٍ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اسْتَنَابَهُ رَجُلٌ فِي الْحَجِّ وَآخَرُ فِي الْعُمْرَةِ، وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَانِ فَفَعَل جَازَ؛ لأَِنَّهُ نُسُكٌ مَشْرُوعٌ، وَإِنْ قَرَنَ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِمَا، صَحَّ، وَوَقَعَ عَنْهُمَا، وَيَرُدُّ مِنْ نَفَقَةِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا لأَِنَّهُ جَعَل السَّفَرَ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا.
وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، رَدَّ عَلَى غَيْرِ الأَْمْرِ نِصْفَ نَفَقَتِهِ وَحْدَهُ؛ لأَِنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي صِفَتِهِ لاَ فِي أَصْلِهِ (3) .
وَقَال الْقَاضِي: إِذَا لَمْ يَأْذَنَا لَهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ؛ لأَِنَّهُ أُمِرَ بِنُسُكٍ مُفْرَدٍ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَكَانَ مُخَالِفًا، كَمَا لَوْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ (4) .
__________
(1) البدائع 2 / 215.
(2) المجموع 7 / 118، 119.
(3) المغني 5 / 29.
(4) المغني 5 / 29.
ي - الاِسْتِنَابَةُ فِي الْحَجِّ عَنْ رَجُلَيْنِ:
36 - لَوْ أَمَرَهُ رَجُلٌ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةً، وَأَمَرَهُ آخَرُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَيْضًا، فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ، فَهَذَا لاَ يَخْلُو عَنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَنْ أَحَدِهِمَا:

الْحَالَةُ الأُْولَى: الإِْحْرَامُ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا مَعًا: 37 - إِذَا أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَنْهُمَا مَعًا يَكُونُ مُخَالِفًا، وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْهُمَا مَعًا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ صَاحِبِهِ.
وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ لَهُمَا إِنْ كَانَ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِمَا؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَرَهُ بِحَجٍّ تَامٍّ وَلَمْ يَفْعَل فَصَارَ مُخَالِفًا لأَِمْرِهِمَا فَلَمْ يَقَعْ حَجُّهُ عَنْهُمَا فَيَضْمَنُ لَهُمَا؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَرْضَ بِإِنْفَاقِ مَالِهِ فَيَضْمَنُ.
وَإِنَّمَا وَقَعَ الْحَجُّ عَنِ الْحَاجِّ لأَِنَّ الأَْصْل أَنْ يَقَعَ كُل فِعْلٍ عَنْ فَاعِلِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ لِغَيْرِهِ بِجُعْلِهِ، فَإِذَا خَالَفَ لَمْ يَصِرْ لِغَيْرِهِ فَبَقِيَ فِعْلُهُ لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ لأَِحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ.
وَهَذَا بِخِلاَفِ الاِبْنِ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَنْ أَبَوَيْهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لأَِنَّ

الصفحة 40